دُونَ الْحَاكِمِ، أَيْ فَلَا كَلَامَ لِلْحَاكِمِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ. وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْمُتَيْطِيَّ، وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُ كَذِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِ فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبَ.
(وَإِنْ غَابَ) الْمُجْبِرُ (غَيْبَةً بَعِيدَةً - كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ مِصْرَ) - وَلَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ، (فَالْحَاكِمُ) هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا - وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا - دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ (وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْطِنْ) : أَيْ لَمْ تَكُنْ نِيَّتُهُ الِاسْتِيطَانَ بِهَا (عَلَى الْأَصَحِّ) وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الِاسْتِيطَانِ. وَإِنَّمَا كَانَ الْأَمْرُ لِلْحَاكِمِ دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَلِيُّ الْغَائِبِ وَهُوَ مُجْبِرٌ لَا كَلَامَ لِغَيْرِهِ مَعَهُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَقَدْ وغيبة الْوَلِيّ المجبر]
قَوْلُهُ: [وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْمُتَيْطِيَّ] : قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: الْمَشْهُورُ مَا قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَذَلِكَ لِتَنْزِيلِ الْأَسْرِ وَالْفَقْدِ مَنْزِلَةَ الْمَوْتِ، بِخِلَافِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّ حَيَاتَهُ مَعْلُومَةٌ.
قَوْلُهُ: [فَيَكُونُ هُوَ الْمَذْهَبَ] : أَيْ وَلِذَلِكَ صَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ قَائِلًا: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْفَقْدِ وَالْأَسْرِ وَبُعْدِ الْغَيْبَةِ؟
قَوْلُهُ: [مِنْ مِصْرَ] : أَيْ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ بِهَا وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ مَالِكًا كَانَ بِهَا وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ] : أَيْ عَنْ قُرْبٍ.
قَوْلُهُ: [فَالْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُهَا] : أَيْ إذَا كَانَتْ بَالِغًا أَوْ خِيفَ عَلَيْهَا الْفَسَادُ كَمَا تَقَدَّمَ. قَوْلُهُ: [وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الِاسْتِيطَانِ] : أَيْ بِالْفِعْلِ لَا يَكْفِي مَظِنَّتُهُ. فَعَلَيْهِ مَنْ خَرَجَ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا وَنِيَّتُهُ الْعَوْدُ فَلَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ ابْنَتَهُ، وَلَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ إلَّا إذَا خِيفَ فَسَادُهَا أَوْ قَصَدَ بِغَيْبَتِهِ الْإِضْرَارَ بِهَا، فَإِنْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ، إمَّا أَنْ تَحْضُرَ تُزَوِّجَهَا أَوْ تُوَكِّلَ وَكِيلًا يُزَوِّجُهَا وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك، فَإِنْ لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا فَسْخَ كَمَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute