فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَأَحْكَامِهَا (الْإِيلَاءُ) شَرْعًا الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] الْآيَةَ: (حَلِفُ الزَّوْجِ) لَا السَّيِّدِ (الْمُسْلِمِ) لَا الْكَافِرِ (الْمُكَلَّفِ) لَا الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (الْمُمْكِنِ وَطْؤُهُ) ، خَرَجَ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ: أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ، وَالشَّيْخُ الْفَانِي، فَلَا يَنْعَقِدُ لَهُمْ إيلَاءٌ، وَدَخَلَ فِي الزَّوْجِ الْمَذْكُورِ الْعَبْدُ وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْوِقَاعِ وَالسَّكْرَانُ (بِمَا) : مُتَعَلِّقٌ (بِحَلِفُ) أَيْ حَلِفُهُ بِكُلِّ مَا (يَدُلُّ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ) الْحُرَّةِ أَوْ الْأَمَةِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ وَأَحْكَامِهِ] [تَعْرِيف الْإِيلَاء وَمَا يَنْعَقِد بِهِ]
فَصْلٌ هِيَ لُغَةً الِامْتِنَاعُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ بِيَمِينٍ، وَشَرْعًا عَرَّفَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: حَلِفُ الزَّوْجِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [حَلِفُ الزَّوْجِ] : أَيْ بِأَيِّ يَمِينٍ كَانَتْ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [لَا الْكَافِرِ] : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ مِنْ الْكَافِرِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [البقرة: ٢٢٦] الْآيَةَ فَإِنَّ الْمَوْصُولَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ، وَجَوَابَهُ مَنْعُ بَقَاءِ الْمَوْصُولِ عَلَى عُمُومِهِ بِدَلِيلِ: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ٢٢٦] فَإِنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَالْمَرِيضُ الَّذِي لَهُ قُدْرَةُ] إلَخْ: أَيْ فَإِنْ مَنَعَهُ فَلَا إيلَاءَ كَمَا فِي عب، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ كَالصَّحِيحِ مُطْلَقًا، لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ وِقَاعُهُ حَالًا يُمْكِنُ مَآلًا كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَمَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يُقَيَّدْ بِمُدَّةِ مَرَضِهِ وَإِلَّا فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ، سَوَاءً كَانَ الْمَرَضُ مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ أَوْ لَا، وَلَوْ طَالَ الْمَرِيضُ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الضَّرَرَ فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ حَالًا لِأَجْلِ قَصْدِ الضَّرَرِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [وَالسَّكْرَانُ] : أَيْ بِحَرَامٍ، وَأَمَّا بِحَلَالٍ فَلَا إيلَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute