(وَأُخِّرَ) الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (لِعُذْرٍ كَبَرْدٍ) أَوْ حَرٍّ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ، لِئَلَّا يَمُوتَ فَيَلْزَمَ أَخْذُ نَفْسٍ بِدُونِ نَفْسٍ، وَكَذَا يُؤَخَّرُ الْجَانِي إذَا كَانَ مَرِيضًا حَتَّى يَبْرَأَ وَيُؤَخَّرَ أَيْضًا الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ حَتَّى يَبْرَأَ الْمَجْرُوحُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ فَيَكُونَ الْوَاجِبُ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ.
(كَعَقْلٍ) : أَيْ دِيَةِ الْجُرْحِ (الْخَطَأِ) : فَيُؤَخَّرُ إلَى بُرْءِ الْمَجْرُوحِ خَوْفَ أَنْ يَسْرِيَ عَلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذَ الدِّيَةُ كَامِلَةً، فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا عَقْلَ وَلَا أَدَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ.
(وَأَحَدُ حَدَّيْنِ) : وَجَبَا لِلَّهِ تَعَالَى كَشُرْبٍ، وَزِنَا بِكْرٍ (لَمْ يَقْدِرْ) الْمَحْدُودُ (عَلَيْهِمَا) : فِي فَوْرٍ، خَوْفَ مَوْتِهِ، فَيُؤَخَّرُ أَحَدُهُمَا. (وَقُدِّمَ الْأَشَدُّ) كَحَدِّ الزِّنَا (إذَا لَمْ يُخَفْ مِنْهُ) الْهَلَاكُ بِتَقْدِيمِهِ، فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ قُدِّمَ الْأَخَفُّ كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ، فَإِنْ خِيفَ مِنْ الْأَخَفِّ الْهَلَاكُ قُدِّمَ الْأَشَدُّ مُفَرَّقًا.
ــ
[حاشية الصاوي]
[تَأْخِير الْقِصَاص فِيمَا دُون النَّفْس لِعُذْرِ]
قَوْلُهُ: [وَأُخِّرَ الْقِصَاصُ] : أَيْ وُجُوبًا.
وَقَوْلُهُ: [فِيمَا دُونَ النَّفْسِ] : أَيْ وَأَمَّا الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ فَلَا يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: [وَكَذَا يُؤَخَّرُ الْجَانِي] : أَيْ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْبُرْءُ سَنَةً.
قَوْلُهُ: [وَيُؤَخَّرُ أَيْضًا الْقِصَاصُ] : أَيْ مِنْ أَسْبَابِ تَأْخِيرِ الْجَانِي انْتِظَارُ بُرْءِ الْمَجْرُوحِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ دِيَةُ الْجُرْحِ الْخَطَأِ] : أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ، بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ: فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ إلَخْ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّهَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْخَطَأِ لِلْبُرْءِ كَانَتْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ أَمْ لَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَشْهَبَ مَتَى بَلَغَ عَقْلُ الْجُرْحِ الْخَطَأِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَلَا تَأْخِيرَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ سَاعَةَ الْجُرْحِ كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَمَّدْ] : عِلَّةٌ لِنَفْيِ الْأَدَبِ وَتَرْكِ عِلَّةِ نَفْيِ الْعَقْلِ وَهِيَ الْبُرْءُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ.
قَوْلُهُ: [وَأَحَدُ حَدَّيْنِ] : بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلٍ آخَرَ الَّذِي هُوَ الْقِصَاصُ.
قَوْلُهُ: [كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالْقَذْفِ] : مِثَالٌ لِلْأَخَفِّ لِأَنَّ كُلًّا ثَمَانُونَ فِي الْحُرِّ وَحَدُّ الزِّنَا مِائَةٌ.