(وَأُمِنَ هُوَ) : أَيْ الْمُسْتَحِقُّ: أَيْ كَانَ مَأْمُونًا فِي نَفْسِهِ وَدِينِهِ، بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ الْفِرَارُ أَوْ الْمَطْلُ أَوْ الظُّلْمُ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ فَيَتَعَذَّرُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ؛ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا وَلَا حَمِيلَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَقِدَ بَلْ يُوضَعُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ، وَذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ يُونُسَ - اُنْظُرْ الْخَرَشِيَّ وَغَيْرَهُ.
(وَالْغَلَّةُ) : أَيْ غَلَّةُ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ أُجْرَةٍ أَوْ اسْتِعْمَالٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ ثَمَرَةٍ (لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ) حَالُهُ (لِلْحُكْمِ) أَيْ لِوَقْتِ الْحُكْمِ بِالِاسْتِحْقَاقِ، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ شَيْءٌ " مِنْهَا " وَأَمَّا الْغَاصِبُ أَوْ الْمُتَعَدِّي فَلَا غَلَّةَ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ بِقَوْلِهِ: (كَوَارِثٍ غَيْرِ غَاصِبٍ، وَمَوْهُوبٍ، وَمُشْتَرٍ وَلَوْ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (إنْ لَمْ يَعْلَمَا) : أَيْ الْمَوْهُوبُ وَالْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْوَاهِبَ أَوْ الْبَائِعَ لَهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَأُمِنَ هُوَ] : إنَّمَا أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِمُخَالَفَةِ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْمُكْرِي وَفَاعِلَ الْمَعْطُوفِ الْمُسْتَحِقُّ.
قَوْلُهُ: [وَلَا حَمِيلَ] : لَا نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ وَحَمِيلَ اسْمُهَا وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مَوْجُودٌ.
قَوْلُهُ: [وَتَوَقَّفَ فِيهِ ابْنُ يُونُسَ] : أَيْ بِقَوْلِهِ لَعَلَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّانِي فِي دَارٍ يَخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمَ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَإِنَّهُ يَنْتَقِدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ.
[رد الشُّبْهَة فِي الِاسْتِحْقَاق]
قَوْلُهُ: [وَالْغَلَّةُ] : مُبْتَدَأٌ وَلِذِي الشُّبْهَةِ صِفَةٌ لَهُ، وَقَوْلُهُ لِلْحُكْمِ خَبَرُهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ الْمَجْهُولِ حَالُهُ] : قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْهُولَ حَالُهُ لَيْسَ ذَا شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَهُوَ مَا تَحَرَّرَ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [أَيْ لِوَقْتِ الْحُكْمِ] : " اللَّامُ " لِلْغَايَةِ بِمَعْنَى إلَى، وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِذِي الشُّبْهَةُ وَالْمَجْهُولِ حَالُهُ مِنْ يَوْمِ وَضَعَ يَدَهُ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ عَلَى صَاحِبِ الشُّبْهَةِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ النَّفَقَةَ تَكُونُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْقِيَاسِ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute