لَا يُنْظَرُ لِلصِّحَّةِ إلَّا فِي بَابِ الْأَحْكَامِ، وَقَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ بِالْمُرَاعَاةِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ وَيَوْمَ الْأَحَدِ.
(وَ) يَجُوزُ (الْفَصْدُ) قَطْعُ الْعِرْقِ لِاسْتِخْرَاجِ الدَّمِ الَّذِي يُؤْذِي الْجَسَدَ (وَ) يَجُوزُ التَّدَاوِي بِ (الْكَيِّ) الْحَرْقِ بِالنَّارِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ وَقِيلَ يُكْرَهُ فَفِي التَّدَاوِي بِالنَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَقَوْلُهُ اُحْتِيجَ لَهُ أَيْ لِلدَّوَاءِ بِمَا تَقَدَّمَ.
(وَجَازَ قَتْلُ كُلِّ مُؤْذٍ) مَا شَأْنُهُ الْإِيذَاءُ وَلَوْ لَمْ يُؤْذِ بِالْفِعْلِ ثُمَّ بَيَّنَ بَعْضَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (مِنْ فَأْرٍ وَغَيْرِهِ) كَابْنِ عِرْسٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَيْتَةَ الثُّعْبَانِ وَالسِّحْلِيَّةِ وَبِنْتِ عِرْسٍ وَالْوَزَغِ نَجِسَةٌ إذْ كُلُّهَا ذُو نَفْسٍ سَائِلَةٍ وَيَجُوزُ أَكْلُ الْجَمِيعِ بِالتَّذْكِيَةِ إلَّا لِضَرَرٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ بِحُرْمَةِ أَكْلِ بِنْتِ عِرْسٍ فَإِنَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى. (وَكُرِهَ حَرْقُ الْقَمْلِ وَالْبُرْغُوثِ وَنَحْوِهِمَا) كَبَقٍّ وَجَمِيعِ خَشَاشِ الْأَرْضِ بِالنَّارِ وَلَا يُكْرَهُ بِشَمْسٍ وَلَا قَصْعٍ أَوْ فَرْكٍ وَلَمَّا كَانَ الْأَصْلُ فِيهَا الْإِيذَاءَ وَإِنْ لَمْ تُؤْذِ بِالْفِعْلِ كُرِهَ بِالنَّارِ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّعْذِيبِ وَلَمْ يَحْرُمْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَتْلَ جَمِيعِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ مَكْرُوهٌ وَبِغَيْرِهَا جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ أَذِيَّةٌ بِالْفِعْلِ وَأَمَّا النَّمْلُ بِالنُّونِ وَالنَّحْلُ - بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - وَالْهُدْهُدُ وَالصُّرَدُ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهَا أَذِيَّةٌ وَلَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَرْكِهَا فَيَجُوزُ قَتْلُهَا وَلَوْ بِالنَّارِ فَإِنْ لَمْ تُؤْذِ حَرُمَ قَتْلُهَا وَلَوْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا يُنْظَرُ لِلصِّحَّةِ إلَّا فِي بَابِ الْأَحْكَامِ] : أَيْ التَّكْلِيفِيَّةِ وَالْوَضْعِيَّةِ وَأَمَّا فَضَائِلُ الْأَعْمَالِ وَالْآدَابُ الْحُكْمِيَّةُ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَتَأَنَّسُ لَهَا بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ وَبِالْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ السَّلَفِ.
قَوْلُهُ: [الْأَمْرُ بِمُرَاعَاةِ يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ] إلَخْ: أَيْ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الْحِجَامَةِ فِيهِمَا.
[حُكْم التَّدَاوِي بِالْكَيِّ]
قَوْلُهُ: [فَفِي التَّدَاوِي بِالنَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ] : إنَّمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثٍ: شَرْطَةِ مِحْجَمٍ وَشَرْبَةِ عَسَلٍ وَكَيَّةِ نَارٍ وَلَا أُحِبُّ الِاكْتِوَاءَ» .
[قَتْلُ الْحَيَوَان الْمُؤْذِي]
قَوْلُهُ: [كَابْنِ عِرْسٍ] : أَدْخَلَتْ الْكَافُ بَاقِيَ مَا وَرَدَ إبَاحَةُ قَتْلِهَا فِي الْحِلِّ وَالْحُرُمِ لِلْمُحَرَّمِ وَغَيْرِهِ، بَلْ وَمَا يُؤْذِي مِنْ بَنِي آدَمَ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ وَسَلْبِ الْأَمْوَالِ وَهَتْكِ الْحَرِيمِ.
قَوْلُهُ: [وَبِغَيْرِهَا جَائِزٌ] : ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ الْمَاءَ لَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ الْمَاءَ كَالنَّارِ فِي الْكَرَاهَةِ.
قَوْلُهُ: [وَالصُّرَدُ] : هَكَذَا بِوَزْنِ زُحَلَ.