أَنْزَلْت وَآمَنْت بِرَسُولِك الَّذِي أَرْسَلْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت وَمَا أَسْرَرْت وَمَا أَعْلَنْت أَنْتَ إلَهِي لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ رَبِّ قِنِي عَذَابَك يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَك» . (وَ) خُصُوصًا يَتَأَكَّدُ الدُّعَاءُ عِنْدَ عَلَامَاتِ (الْمَوْتِ) فَإِنَّهُ وَقْتُ شِدَّةٍ وَحُضُورِ الْفَتَّانَاتِ وَيَدْعُو بِنَحْوِ: «رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْك رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَكَرَاتِ الْمَوْتِ» .
(وَيَجُوزُ الرُّقَى) جَمْعُ رُقْيَةٍ وَتَكُونُ (بِأَسْمَاءِ اللَّهِ) وَبِأَسْمَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالصَّالِحِينَ (وَبِالْقُرْآنِ) وَيَتَحَرَّى مَا يُنَاسِبُ وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ شِفَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ} [الإسراء: ٨٢] لِلْبَيَانِ (وَقَدْ وَرَدَ) الرُّقَى بِأَسْمَاءِ اللَّهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَوِّذُ أَهْلَ بَيْتِهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: «فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت» : تَعْلِيمٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمَّتِهِ لِعِصْمَتِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَهَذَا أَحْسَنُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ، وَهَذَا الدُّعَاءُ مَجْمُوعٌ مِنْ عِدَّةِ أَحَادِيثَ مَعَ زِيَادَةٍ وَنَقْصٍ غَيْرِ مُخِلَّيْنِ.
[حُكْم الرقي]
قَوْلُهُ: [وَيَجُوزُ الرُّقَى] : عَبَّرَ بِالْجَوَازِ رَدًّا عَلَى مَنْ تَوَهَّمَ الْمَنْعَ وَاسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ الْآتِي وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا» إلَخْ وَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: [وَيَتَحَرَّى مَا يُنَاسِبُ] : أَيْ وَالْأَوْلَى تَحَرِّي الْآيَاتِ وَالسُّوَرِ الَّتِي وَرَدَ اسْتِعْمَالُهَا فِي التَّعَوُّذَاتِ وَالرُّقَى.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَنَّ مَنْ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَأَيُّ آيَةٍ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ شِفَاءٌ وَلَوْ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذَمٍّ؛ لِأَنَّ شِفَاءَهَا مِنْ حَيْثُ تَنَزُّلِهَا مِنْ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ] : أَيْ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْعَاصِ: «أَنَّهُ شَكَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ضَعْ يَدَك عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِك وَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثَلَاثًا وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ. قَالَ فَفَعَلْت ذَلِكَ فَأَذْهَبَ اللَّهُ مَا كَانَ مِنْ الْأَلَمِ فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بِهَا أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ» (اهـ) وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ هَذَا إذَا رَقَى نَفْسَهُ فَإِنْ رَقَى غَيْرَهُ قَالَ أُعِيذُهُ أَوْ أُعِيذُهَا بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا يَجِدُ وَيُحَاذِرُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute