كَدِينَارٍ وَثَوْبٍ بِمِثْلِهِمَا أَوْ دِرْهَمٍ وَشَاةٍ (بِمِثْلِهِمَا) .
اعْلَمْ أَنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ سَدُّ الذَّرَائِعِ؛ فَالْفَضْلُ الْمُتَوَهَّمُ كَالْمُحَقَّقِ؛ فَتَوَهُّمُ الرِّبَا كَتَحَقُّقِهِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ نَوْعِهِ أَوْ سِلْعَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوهِمُ الْقَصْدَ إلَى التَّفَاضُلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ. إذْ رُبَّمَا كَانَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الدِّينَارِ الْآخَرِ أَوْ أَكْثَرَ فَتَأْتِي الْمُفَاضَلَةُ.
(وَ) لَا يَجُوزُ صَرْفُ (مُؤَخَّرٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ (وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) : كَأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا عَدُوٌّ أَوْ سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ. (أَوْ قَرُبَ) التَّأْخِيرُ (مَعَ فُرْقَةٍ) فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِقَوْلِ سَنَدٍ: إذَا تَصَارَفَا فِي مَجْلِسٍ وَتَقَابَضَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ (اهـ) . وَأَمَّا دُخُولُ الصَّيْرَفِيِّ حَانُوتَهُ لِيُخْرِجَ مِنْهُ الدَّرَاهِمَ أَوْ مَشَى قَدْرَ حَانُوتٍ أَوْ حَانُوتَيْنِ لِتَقْلِيبِ الدَّرَاهِمِ فَقِيلَ بِالْكَرَاهَةِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ.
(أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ) غَيْرَهُ (فِي الْقَبْضِ) فَيُمْنَعُ (إلَّا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [إذْ رُبَّمَا كَانَ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَا صَاحَبَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْعَرَضِ يُقَدَّرُ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ وَالْمَنْعُ فِي هَذِهِ مُطْلَقٌ وَلَوْ تَحَقَّقَ تَمَاثُلُ الدِّينَارَيْنِ وَتَمَاثُلُ قِيمَةِ الْعَرَضَيْنِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا مَنَعَ الصُّورَتَيْنِ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَجَازَهُمَا وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ بَيْنَهُمَا فَأَجَازَ الْأُولَى وَمَنَعَ الثَّانِيَةَ وَتُسَمَّى عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِمَسْأَلَةِ دِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ.
[مَا يَمْنَع مِنْ الصَّرْف سدا لِلذَّرَائِعِ]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً] : أَيْ طَالَ أَمْ لَا. وَكَرِهَ مَالِكٌ لِلصَّرَّافِ أَنْ يُدْخِلَ الدِّينَارَ تَابُوتَه قَبْلَ تَمَامِ الصَّرْفِ. قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يَجُوزُ فِيمَا قَرُبَ] : أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا: يَجُوزُ التَّأْخِيرُ الْقَلِيلُ مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبْدَانِ اخْتِيَارًا.
قَوْلُهُ: [إلَّا بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ] : أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا أَوْ شَرِيكَهُ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ. وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ: يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ، إذَا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ؛ قِيلَ: إنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبَضَ فِي حَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute