للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَمَضَانَ وَكَفَّارَةٍ، فَإِنْ كَانَ مُعَيِّنًا بِيَوْمٍ كَنَذْرٍ مُعَيَّنٍ حَرُمَ التَّطَوُّع فِيهِ

(وَ) كُرِهَ (تَطَيُّبٌ نَهَارًا وَ) كُرِهَ (شَمُّهُ) أَيْ الطِّيبِ وَلَوْ مُذَكَّرًا نَهَارًا.

(وَرُكْنُهُ) أَيْ الصَّوْمُ أَمْرَانِ:

أَوَّلُهُمَا: (النِّيَّةُ) : اعْلَمْ أَنَّهُمْ عَرَّفُوا الصَّوْمَ بِأَنَّهُ الْكَفُّ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ لِغُرُوبِ الشَّمْسِ بِنِيَّةٍ؛ فَالنِّيَّةُ رُكْنٌ وَالْإِمْسَاكُ عَمَّا ذُكِرَ رُكْنٌ ثَانٍ. وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَسَمَّحَ فَجَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا شَرْطَ صِحَّةٍ، وَالشَّرْطُ مَا كَانَ خَارِجَ الْمَاهِيَةِ، وَالرُّكْنُ مَا كَانَ جُزْءًا مِنْهَا، فَإِذَا كَانَا شَرْطَيْنِ كَانَا خَارِجَيْنِ عَنْ الْمَاهِيَّةِ مَعَ أَنَّهُمَا نَفْسُهَا، فَالنِّيَّةُ رُكْنٌ.

(وَشَرْطُهَا) : أَيْ شَرْطُ صِحَّتِهَا (اللَّيْلُ) : أَيْ إيقَاعُهَا فِيهِ مِنْ الْغُرُوبِ إلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْهُ، (أَوْ) إيقَاعُهَا (مَعَ) طُلُوعِ (الْفَجْرِ) . وَلَا يَضُرُّ مَا حَدَثَ

ــ

[حاشية الصاوي]

وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ لِمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ؛ فَقِيلَ إنَّ صَوْمَهُ قَضَاءً أَفْضَلُ وَصَوْمَهُ تَطَوُّعًا مَكْرُوهٌ، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ. وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْأَرْجَحُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ نَوَى الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ حَصَلَ ثَوَابُهُمَا كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْجَنَابَةِ وَكَصَلَاةِ الْفَرْضِ وَالتَّحِيَّةِ.

قَوْلُهُ: [حَرُمَ التَّطَوُّعُ فِيهِ] : أَيْ لِتَعْيِينِ الزَّمَانِ الْمَنْذُورِ، فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ.

قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَانْظُرْ هَلْ تَطَوُّعُهُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ لِتَعَيُّنِ الزَّمَنِ لِغَيْرِهِ، قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِصَلَاحِيَّةِ الزَّمَنِ فِي ذَاتِهِ لِلْعِبَادَةِ بِخِلَافِ التَّطَوُّعِ فِي رَمَضَانَ لِأَنَّ مَا عَيَّنَهُ الشَّارِعُ أَقْوَى مِمَّا عَيَّنَهُ الشَّخْصُ.

قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ تَطَيُّبٌ] إلَخْ: إنَّمَا كُرِهَ شَمُّ الطِّيبِ وَاسْتِعْمَالُهُ نَهَارًا لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ شَهْوَةِ الْأَنْفِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَ الْفَمِ، وَأَيْضًا الطِّيبُ مُحَرِّكٌ لِشَهْوَةِ الْفَرْجِ.

[أَرْكَان الصَّوْمِ]

قَوْلُهُ: [مَعَ أَنَّهُمَا نَفْسُهَا] : وَلَكِنْ أُجِيبَ عَنْ الشَّيْخِ خَلِيلٍ: بِأَنَّهُ الْتَفَتَ إلَى مَعْنَاهَا وَهُوَ الْقَصْدُ إلَى الشَّيْءِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَصْدَ إلَى الشَّيْءِ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَكِنَّ هَذَا الْجَوَابَ مُخَلِّصٌ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّيَّةِ، وَأَمَّا الْكَفُّ فَلَا وَجْهَ لِعَدِّهِ شَرْطًا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ مَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعِبَادَةِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ] : الْمُرَادُ وُقُوعُهَا فِي الْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ الَّذِي يَعْقُبُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا كَفَتْ النِّيَّةُ الْمُصَاحِبَةُ لِطُلُوعِ الْفَجْرِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>