فِي النَّاسِ الْجَرْحُ لَا الْعَدَالَةُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ، بَلْ وُجُودُ الْعَدْلِ فِي زَمَانِنَا هَذَا نَادِرٌ جِدًّا.
(وَجَازَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ) : اعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ الصِّبْيَانِ الْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ الْجَوَازِ فِي كُلِّ شَيْءٍ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ فِيهِمْ، إلَّا أَنَّ أَئِمَّتَنَا جَوَّزُوهَا فِي شَيْءٍ خَاصٍّ لِلضَّرُورَةِ بِشُرُوطٍ:
الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ، لَا عَلَى كَبِيرٍ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ (فِي جُرْحٍ وَقَتْلٍ فَقَطْ) لَا فِي مَالٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَ " الْوَاوُ " بِمَعْنَى " أَوْ ". وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَالْخَامِسُ: ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَالشَّاهِدُ) مِنْهُمْ (حُرٌّ) لَا عَبْدٌ (مُسْلِمٌ) لَا كَافِرٌ (ذَكَرٌ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
[شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ] [شُرُوط شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ]
قَوْلُهُ: [وَجَازَ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ] : أَيْ وَأَمَّا النِّسَاءُ فِي كَالْأَعْرَاسِ وَالْحَمَّامَاتِ وَالْمَآتِمِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ فِي جُرْحٍ وَلَا قَتْلٍ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُنَّ غَيْرُ مَشْرُوعٍ. بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّ اجْتِمَاعَهُمْ مَشْرُوعٌ لِتَدْرِيبِهِمْ عَلَى مَصَالِحِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَالْغَالِبُ عَدَمُ حُضُورِ الْكِبَارِ مَعَهُمْ، فَلَوْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ لَأَدَّى إلَى هَدَرِ دِمَائِهِمْ كَذَا فِي الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: [لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ] : أَيْ لِأَنَّ الْعَدْلَ حُرٌّ بَالِغٌ عَاقِلٌ رَشِيدٌ بَرِيءٌ مِنْ الْفِسْقِ.
قَوْلُهُ: [بِشُرُوطٍ] : ذَكَرَهَا الشَّارِحُ أَحَدَ عَشَرَ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
قَوْلُهُ: [لَا عَلَى كَبِيرٍ] : أَيْ وَلَا لِكَبِيرٍ فَشَهَادَةُ الصِّبْيَانِ لَا تُقْبَلُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَالْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ.
قَوْلُهُ: [لَا فِي مَالٍ وَلَا فِي غَيْرِهِ] : وَيُلْغَزُ فِي ذَلِكَ فَيُقَالُ شَخْصٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الْقَتْلِ وَالْجُرْحِ لَا فِي الْمَالِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّ الْمَالَ يُخَفَّفُ فِيهِ.
قَوْلُهُ: [وَالْخَامِسُ] : الْأُولَى أَنْ يَزِيدَ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ؛ لِأَنَّهُ جَمَعَ خَمْسَةً بَعْدَ الِاثْنَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَالشَّاهِدُ مِنْهُمْ حُرٌّ] إلَخْ: تَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَوْصَافِ بِالشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِتَخْصِيصِ الشَّاهِدِ بِذَلِكَ.