(وَسُنَّ) حَالَ الْخُطْبَةِ (اسْتِقْبَالُ الْخَطِيبِ) بِذَاتِهِ لَا اسْتِقْبَالُ جِهَتِهِ فَقَطْ. وَقِيلَ: يَجِبُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ. وَهَذَا لَا يُمْكِنُ لِجَمِيعِ النَّاسِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَلَا الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ؛ أَمَّا الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَلِأَنَّ الْمِنْبَرَ بِجَانِبِ الْمَقَامِ وَالْمَطَافُ حَائِلٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ فَإِذَا رَقَى الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْبَرِ اسْتَقْبَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ وَبَاقِيهِمْ فِي الْمَطَافِ خَلْفَ ظَهْرِهِ، وَأَكْثَرُهُمْ خَلْفَ الْبَيْتِ وَجَوَانِبِهِ. وَأَمَّا الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ فَإِنَّ زِيَادَةَ عُثْمَانَ خَلْفَ الْمِنْبَرِ النَّبَوِيِّ وَخَلْفَ الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ مِنْ الْجِهَةِ الْقِبْلِيَّةِ، فَالْجَالِسُ فِيهَا يَكُونُ خَلْفَ ظَهْرِ الْخَطِيبِ. فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ نَزَلَ وَتَخَطَّى الصُّفُوفَ حَتَّى يَصِلَ لِلْمِحْرَابِ الَّذِي فِي الزِّيَادَةِ
(وَ) سُنَّ (جُلُوسُهُ) أَيْ الْخَطِيبِ (أَوَّلَ كُلِّ خُطْبَةٍ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْأُولَى وَأَوَّلِ الثَّانِيَةِ.
(وَ) سُنَّ (غُسْلٌ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ) الْجُمُعَةُ كَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ وَالنِّسَاءِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى السَّطْحِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَهُوَ لِمَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ، قَالُوا وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً وَقِيلَ بِصِحَّتِهَا عَلَيْهِ لِلْمُؤَذِّنِ لَا غَيْرِهِ وَقِيلَ إنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ جَازَتْ الصَّلَاةُ عَلَى سَطْحِهِ.
[سُنَن الْجُمُعَةِ وَمَنْدُوبَاتهَا]
قَوْلُهُ: [وَسُنَّ حَالَ الْخُطْبَةِ] إلَخْ: أَيْ لِقَوْلِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ وَارْمُقُوهُ بِأَجْفَانِكُمْ» وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ طَلَبُ اسْتِقْبَالِهِ بِمُجَرَّدِ قُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَوْ لَمْ يَنْطِقْ، لَكِنَّ الَّذِي فِي (عب) أَنَّ طَلَبَ اسْتِقْبَالِهِ عِنْدَ نُطِقْهُ لَا قَبْلَهُ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ النُّطْقِ جَالِسًا عَلَى الْمِنْبَرِ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يَجِبُ] إلَخْ: أَيْ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (ح) وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ السُّنِّيَّةُ. وَقِيلَ: إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُهُ طَلَبُ الِاسْتِقْبَالِ حَتَّى لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ خَلِيلٌ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: [وَالْمَطَافُ حَائِلٌ] : الْمُنَاسِبُ طَرِيقٌ.
قَوْلُهُ: [وَسُنَّ جُلُوسُهُ] : قَالَ ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) .
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ] : وَلَا يُشْكِلُ كَوْنُ الْغُسْلِ لِلْجُمُعَةِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute