(وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ) كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الثِّقَلِ عَلَى النَّفْسِ، فَيَكُونُ إلَى غَيْرِ الطَّاعَةِ أَقْرَبُ.
[الْتِزَام الناذر مَا أسماه وَسُقُوط الْمَعْجُوز عَنْهُ]
(وَ) كُرِهَ (الْمُعَلَّقُ عَلَى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ) نَحْوُ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ قَدِمَ زَيْدٌ مِنْ سَفَرِهِ فَعَلَيَّ صَدَقَةُ كَذَا لِأَنَّهُ كَالْمُجَازَاةِ وَالْمُعَارَضَةِ لَا الْقُرْبَةِ الْمَحْضَةِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ طَاعَةً نَحْوُ: إنْ حَجَجْت فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَهُوَ ظَاهِرُ التَّعْلِيلِ أَيْضًا لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ إنْ أَقْدَرَنِي اللَّهُ عَلَى الْحَجِّ لِأُجَازِيَنَّهُ بِكَذَا، وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَةِ الْمُخَالِفِ.
(وَإِلَّا) بِأَنْ عَلَّقَ الْقُرْبَةَ عَلَى مَعْصِيَةٍ (حَرُمَ) وَوَجَبَ تَرْكُهَا، (فَإِنْ فَعَلَهَا أَثِمَ) .
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَكُرِهَ الْمُعَلَّقُ] : أَيْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ شَاسٍ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ، بِالْإِبَاحَةِ وَفِي (ح) عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عَدَمُ إجْزَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَى شَيْءٍ بَعْدَ حُصُولِ بَعْضِهِ وَقَبْلَ تَمَامِهِ، فَلَيْسَ كَالْيَمِينِ يَحْصُلُ الْحِنْثُ فِيهَا بِالْبَعْضِ، كَمَا إذَا قَالَ: إنْ رُزِقْت ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ فَعَلَيَّ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَرُزِقَ دِينَارَيْنِ فَصَامَ الثَّلَاثَةَ. وَفِي سَمَاعِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ إنْ بَقِيَ يَسِيرٌ جِدًّا وَيَقُومُ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ اللُّزُومُ بِحَسَبِ مَا حَصَلَ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ (اهـ مِنْ الْمَجْمُوعِ) . تَنْبِيهٌ:
يَلْزَمُ النَّاذِرَ مَا الْتَزَمَهُ وَلَا يَنْفَعُ فِيهِ إنْشَاءٌ وَلَا تَعْلِيقٌ كَمَا قَالَ خَلِيلٌ. وَلَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي أَوْ أَرَى خَيْرًا مِنْهُ، مَا لَمْ يَرْجِعْ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِي " لِلْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَقَطْ، كَمَا يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ لَا لِلْمُعَلَّقِ وَلَا لَهُمَا أَوْ أُطْلِقَ. وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت بِضَمِّ التَّاءِ نَفَعَهُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعْهُودٌ فِي الطَّلَاقِ كَثِيرًا بِخِلَافِ النَّذْرِ. وَقَاسَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ النَّذْرَ عَلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا لَوْ عَلَّقَ عَلَى مَشِيئَةِ فُلَانٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَشِيئَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي النَّذْرِ وَالطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ كَالْمُجَازَاةُ] إلَخْ: أَيْ فَلَمْ يَجْعَلْهُ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ.
وَأَمَّا لَوْ نَذَرَ شَيْئًا عَلَى نِعْمَةٍ حَصَلَتْ بِالْفِعْلِ كَمَا إذَا شَفَى اللَّهُ مَرِيضَهُ بِالْفِعْلِ فَنَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ مِنْ شُكْرِ النِّعْمَةِ الَّتِي حَصَلَتْ، وَشُكْرُ النِّعْمَةِ مَأْمُورٌ بِهِ وَالْمَذْمُومُ التَّعْلِيقُ عَلَى أَمْرٍ مُتَرَقَّبٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا عِبْرَةَ بِمُخَالَفَةِ الْمُخَالِفِ] : أَيْ الَّذِي هُوَ ابْنُ رُشْدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute