شَاءَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَدِينُ (غَائِبًا) حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ ثَابِتًا وَمَالُ الْمَدِينِ حَاضِرًا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِلَا مَشَقَّةٍ. (إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ الضَّمَانِ (أَخْذُ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ) يَشْتَرِطُ (تَقْدِيمَهُ) فِي الْأَخْذِ عَنْ الْمَدِينِ (أَوْ ضَمِنَ) الضَّامِنُ الْمَدِينُ (فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ) : الْحَيَاةُ، وَالْمَوْتُ، وَالْحُضُورُ، وَالْغَيْبَةُ، وَالْيُسْرُ، وَالْعُسْرُ؛ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ.
(الْقَوْلُ لَهُ) : أَيْ لِلضَّامِنِ (فِي مَلَائِهِ) : أَيْ مَلَاءِ الْمَدِينِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ؛ فَلَا مُطَالَبَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ، لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي مَلَاءِ الْمَضْمُونِ، وَلَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِعَدَمِهِ. وَاَلَّذِي قَالَهُ سَحْنُونَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ: أَنَّ الْقَوْلَ لِلطَّالِبِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الْحَمِيلِ مَا لَمْ يَثْبُتْ مَلَاءُ الْغَرِيمِ وَتَيَسَّرَ الْأَخْذُ مِنْهُ. قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَبِهِ الْعَمَلُ؛ أَيْ فَيَكُونُ هُوَ الرَّاجِحُ وَإِنْ اسْتَظْهَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْحَمِيلِ.
(وَلَهُ) : أَيْ لِلضَّامِنِ (طَلَبُ الْمُسْتَحَقِّ) الَّذِي هُوَ رَبُّ الْحَقِّ
ــ
[حاشية الصاوي]
أُخْرَى بِالْحَقِّ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ وَلَوْ تَيَسَّرَ الْأَخْذُ] إلَخْ: مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَغَيْرِهِ، خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الضَّامِنَ لَا يُطَالِبُ إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: [وَلَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ] : الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مُقِرٌّ بِعَدَمِهِ.
قَوْلُهُ: [قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ] : قَالَ (بْن) وَنَصُّهُ: وَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَمِيلَ بِدَيْنِهِ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ الْحَمِيلُ: شَأْنُك بِغَرِيمِك فَهُوَ مَلِيءٌ بِدَيْنِك، وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: الْغَرِيمُ مُعْدَمٌ وَمَا أَجِدُ لَهُ مَالًا، فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ - وَقَالَهُ سَحْنُونَ فِي الْعُتْبِيَّةِ - أَنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ يُسْرَ الْغَرِيمِ وَمُلَاءَهُ فَيَبْرَأُ وَحَلَفَ لَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ يُسْرِهِ عَلَى إنْكَارِ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ وَغَرِمَ الْحَمِيلُ وَلَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْحَمِيلِ، فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْحَمِيلُ وَبَرِئَ (اهـ) .
[تَنْبِيه إِن كَانَ الضَّامِن وَكَيْلًا لِرَبِّ الدِّين]
قَوْلُهُ: [طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ] : أَيْ لَهُ إلْزَامُهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ مَا ذُكِرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute