وَلَوْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ رَجَعَ بِهِ وَبِأَكْثَرَ رَجَعَ بِالدَّيْنِ. وَلَوْ صَالَحَ بِمُقَوَّمٍ عَنْ مُقَوَّمٍ غَيْرِ جِنْسِهِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةِ مَا صَالَحَ بِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ الرَّاجِحُ. وَكَذَا قَوْلُنَا: " فَإِنْ صَالَحَ عَنْهَا بِمِثْلِيٍّ " إلَخْ، فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ وَهُوَ مَا فِي الْكَفَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ
. (وَلَا يُطَالَبُ) الضَّامِنُ: أَيْ لَيْسَ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَتُهُ بِهِ (إنْ تَيَسَّرَ الْأَخْذُ) لِرَبِّ الدَّيْنِ (مِنْ مَالِ الْمَدِينِ) : بِأَنْ كَانَ مُوسِرًا غَيْرَ مُلَدٍّ وَلَا ظَالِمٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ بَعْدَ قَوْلِهِ: رَبُّ الدَّيْنِ مُخَيَّرٌ فِي طَلَبِ أَيِّهِمَا
ــ
[حاشية الصاوي]
صَالَحَ عَنْهُ. وَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ بِالْأَجْوَدِ وَلَا بِالْأَكْثَرِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَجْوَدُ أَوْ الْأَكْثَرُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَإِنْ كَانَ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَضْمُونَ إلَّا مِثْلُ دَيْنِهِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهَا ظُلْمٌ، فَالضَّامِنُ مُتَبَرِّعٌ بِهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَا يَظْلِمُ الْمِدْيَانَ بِهَا فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ صَالَحَ بِمُقَوَّمٍ] إلَخْ: هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: حَيْثُ كَانَ مُقَوَّمًا عَنْ عَيْنٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ صَالَحَهُ بِمُقَوَّمٍ عَنْ مُقَوَّمٍ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَيْ مِنْ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الدَّيْنَ مُقَوَّمٌ وَمِنْ قِيمَةِ مَا صَالَحَ بِهِ. فَقَوْلُهُ: " كَمَا فِي الْمَتْنِ " يَعْنِي بِهِ مَتْنَهُ، أَيْ فَإِنَّ عِبَارَةَ الْمَتْنِ فِي قَوْلِهِ: " وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ قِيمَةِ مَا صَالَحَ بِهِ " شَامِلَةٌ لِلصُّلْحِ بِمُقَوَّمٍ عَنْ عَيْنٍ وَعَنْ مُقَوَّمٍ.
قَوْلُهُ: [رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ قِيمَةِ مَا صَالَحَ بِهِ] : فَإِنْ قِيلَ: مَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ؟ قِيلَ: إنَّ الْمُقَوَّمَ - لَمَّا كَانَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ - وَالْحَمِيلُ يَعْرِفُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ؛ فَقَدْ دَخَلَ عَنْ الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَقَدْ دَخَلَ عَلَى أَخْذِ الدَّيْنِ وَهِبَةُ الزِّيَادَةِ، بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ الدَّيْنُ فَلَا يُعْرَفُ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْأَقَلَّ وَالْأَكْثَرَ لَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ فَكَانَتْ الْجَهَالَةُ فِي الْمِثْلِيِّ أَقْوَى، فَلِذَلِكَ تَعَيَّنَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [بَعْدَ قَوْلِهِ رَبُّ الدَّيْنِ مُخَيَّرٌ] إلَخْ: قَالَ (بْن) : وَالْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ - وَهُوَ الْأَنْسَبُ - بِكَوْنِ الضَّمَانِ شَغَلَ ذِمَّةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute