(إلَّا بِإِقْرَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَهُ فِي مَجْلِسِهِ (اخْتِيَارًا) بِلَا إكْرَاهٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ حِينَئِذٍ؛ إذْ لَا يُتَّهَمُ الْقَاضِي إذَا أَقَرَّ الْخَصْمُ اخْتِيَارًا، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ: " وَلَا يَحْكُمُ " إلَخْ فِيمَا إذَا كَانَ الْحُكْمُ يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُتَّهَمُ فِيهِ بِالتَّسَاهُلِ فِي الْحُكْمِ لِمَنْ ذُكِرَ.
(وَأَمَرَ) الْحَاكِمُ نَدْبًا (ذَوِي الْفَضْلِ) : كَأَهْلِ الْعِلْمِ عِنْدَ مُخَاصَمَتِهِمْ (وَ) ذَوِي (الرَّحِمِ) : أَيْ الْأَقَارِبِ عِنْدَ مُخَاصَمَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا (بِالصُّلْحِ) : لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِجَمْعِ الْخَوَاطِرِ وَتَأْلِيفِ النُّفُوسِ الْمَطْلُوبِ شَرْعًا، بِخِلَافِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُ أَمْرٌ يُوجِبُ الشَّحْنَاءَ وَالتَّفَرُّقَ. (فَإِنْ خَشِيَ) الْحَاكِمُ (تَفَاقُمَ الْأَمْرِ) : أَيْ شِدَّةَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ (وَجَبَ) أَمْرُهُمْ بِالصُّلْحِ سَدًّا لِلْفِتْنَةِ.
(وَنُبِذَ حُكْمُ جَائِرٍ) فِي أَحْكَامِهِ: وَهُوَ الَّذِي يَمِيلُ عَنْ الْحَقِّ عَمْدًا، وَمِنْهُ مِنْ يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِتَعْدِيلٍ وَلَا تَجْرِيحٍ؛ فَيَنْقُضُهُ مَنْ تَوَلَّى بَعْدَهُ، وَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ ظَاهِرَ الصِّحَّةِ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ، مَا لَمْ تَثْبُتْ صِحَّةُ بَاطِنِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (وَ) نُبِذَ حُكْمُ (جَاهِلٍ لَمْ يُشَاوِرْ) الْعُلَمَاءَ، وَلَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَلَوْ كَانَ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْحَدْسِ وَالتَّخْمِينِ لَا يُفِيدُ، فَإِنْ ثَبَتَ صِحَّةُ بَاطِنِهِ لَمْ يُنْقَضْ كَالْجَائِرِ، وَقِيلَ: يُنْقَضُ مُطْلَقًا. (وَإِلَّا) بِأَنْ شَاوَرَ الْعُلَمَاءَ (تُعُقِّبَ) فَمَا كَانَ خَطَأً نُبِذَ (وَمَضَى الصَّوَابُ) ، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَالْكَلَامُ فِي الْجَاهِلِ الْعَدْلِ، وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ: أَنَّ مَحَلَّ تَعَقُّبِهِ إنْ لَمْ يُشَاوِرْ الْعُلَمَاءَ،
ــ
[حاشية الصاوي]
[الْأَمْر بِالصُّلْحِ]
قَوْلُهُ: [وَأَمَرَ الْحَاكِمُ نَدْبًا ذَوِي الْفَضْلِ] إلَخْ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْمُرُ مَنْ ذُكِرَ بِالصُّلْحِ وَلَوْ ظَهَرَ وَجْهُ الْحُكْمِ فَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِقَوْلِ خَلِيلٍ، وَلَا يَدْعُو لِصُلْحٍ إنْ ظَهَرَ وَجْهُهُ ثُمَّ الْأَمْرُ بِالصُّلْحِ فِيمَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لَا فِي نَحْوِ طَلَاقٍ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ الصُّلْحُ فِيهِ يُغْضِبُ اللَّهَ تَعَالَى. .
[أثر الْحُكْمِ وَنَقْضِهِ]
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يُنْقَضُ مُطْلَقًا] : هَذَا الْقَوْلُ لِبَهْرَامَ الْمَازِرِيِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute