(وَعَزَّرَ) وُجُوبًا (شَاهِدَ الزُّورِ) : وَهُوَ مَنْ شَهِدَ بِمَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ وَلَوْ صَادَفَ الْوَاقِعَ (فِي الْمَلَأِ) : بِالْهَمْزَةِ مَعَ الْقَصْرِ: أَيْ جَمَاعَةِ النَّاسِ (بِنِدَاءٍ) : أَيْ يُعَزِّرُهُ بِضَرْبٍ مُؤْلِمٍ مَعَ نِدَائِهِ وَطَوَافِهِ فِي الْأَسْوَاقِ وَالْأَزِقَّةِ لِإِشْهَارِ أَمْرِهِ وَارْتِدَاعِ غَيْرِهِ. (لَا) يُعَزِّرُهُ (بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ) وَلَا (تَسْخِيمِ وَجْهِهِ) بِطِينٍ أَوْ سَوَادٍ. ثُمَّ لَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ وَلَوْ تَابَ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ اتِّفَاقًا، إنْ كَانَ حِينَ شَهَادَتِهِ ظَاهِرَ الْعَدَالَةِ. وَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ: إنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَهَا. وَقِيلَ بِالْعَكْسِ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالتَّرَدُّدِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
بِجَوَازِ رَفْعِ الْمُسْلِمِ عَلَى الذِّمِّيِّ وَنَسَبَهُ فِي التَّوْضِيحِ لِمَالِكٍ كَذَا فِي (بْن) .
[تَعْزِير شَاهِدَ الزُّورِ]
قَوْلُهُ: [بِمَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُهُ] : صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ عَلِمَ خِلَافَهُ أَوْ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ.
قَوْلُهُ: [بِضَرْبٍ مُؤْلِمٍ] : أَيْ عَلَى حَسَبِ اجْتِهَادِهِ.
قَوْلُهُ: [مَعَ نِدَائِهِ] : أَيْ بِأَنَّ هَذَا شَاهِدُ زُورٍ وَانْظُرْ هَلْ الْوُجُوبُ مُنْصَبٌّ عَلَى التَّعْزِيرِ وَالنِّدَاءِ عَلَيْهِ أَوْ مُنْصَبٌّ عَلَى خُصُوصِ التَّعْزِيرِ وَكَوْنُهُ فِي الْمَلَأِ وَالنِّدَاءُ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ فَقَطْ كَذَا فِي الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [بِحَلْقِ لِحْيَتِهِ وَلَا تَسْخِيمِ وَجْهِهِ] : أَيْ يَحْرُمُ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ فِي الْحُرْمَةِ مَا يُفْعَلُ فِي الْأَفْرَاحِ مِنْ تَسْخِيمِ الْوَجْهِ بِسَوَادٍ أَوْ دَقِيقٍ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ مُرَادُهُ بِالتَّرَدُّدِ] أَيْ فَمُرَادُ خَلِيلٍ بِالتَّرَدُّدِ الطَّرِيقَتَانِ، الطَّرِيقَةُ الْأُولَى تَقُولُ: إنْ كَانَ ظَاهِرَ الصَّلَاحِ حِينَ شَهِدَ بِالزُّورِ لَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا، لِاحْتِمَالِ بَقَائِهِ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُظْهِرٍ لِلصَّلَاحِ حِينَ الشَّهَادَةِ فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَوْلَانِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ عَكْسُهَا لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ نَقْلًا عَنْ التَّتَّائِيِّ: وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْسَبُ بِالْفِقْهِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَقْرَبُ لِظَاهِرِ الرِّوَايَاتِ، فَإِنْ شَهِدَ قَبْلَ التَّوْبَةِ لَمْ تُقْبَلْ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ فَاسِقٌ. وَإِنْ شَهِدَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّعْزِيرِ فَمُقْتَضَى الْعِلَّةِ جَرَى التَّرَدُّدُ فِيهِ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ وَأَفَادَ ذِكْرُ التَّرَدُّدِ فِيمَنْ فَسُقْهُ بِالزُّورِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِسْقُهُ بِغَيْرِهِ ثُمَّ شَهِدَ بَعْدَمَا تَابَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ (اهـ) وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْله تَعَالَى فِي سُورَةِ النُّورِ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] الْآيَةُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute