(وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ انْتِظَارُ جَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا) : يَعْنِي أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الصَّلَاةَ لِجَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا فِي الْوَقْتِ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ. وَقِيلَ: يُقَدِّمُ ثُمَّ إذَا وَجَدَهَا أَعَادَ إنْ كَانَتْ مِمَّا تُعَادُ. وَأَمَّا الْمَغْرِبُ فَيُقَدِّمُهَا جَزْمًا لِضِيقِ وَقْتِهَا. وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُمْ: الْأَفْضَلُ لِلْفَذِّ تَقْدِيمُهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً.
(وَمَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ) لِظُلْمَةٍ: أَوْ سَحَابٍ (اجْتَهَدَ) : وَتَحَرَّى (بِنَحْوِ وِرْدٍ) : فَمَنْ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وِرْدٌ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ، وَكَانَتْ عَادَتُهُ الْفَرَاغَ مِنْهُ طُلُوعَ الْفَجْرِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الطَّحَّانُ يَفْرُغُ مِنْ طَحْنِ الْإِرْدَبِّ مَثَلًا طُلُوعَ الْفَجْرِ أَوْ الْغَزْلِ أَوْ النَّسْجِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْمُجَرَّبَةِ، فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَيْهَا. وَكَذَا آلَةُ الْمُؤَقِّتِينَ كَالرَّمْلِيَّةِ وَالسَّاعَةِ الْمُنْضَبِطَةِ وَإِلَّا زَادَ فِي التَّحَرِّي حَتَّى يَغْلِبَ
ــ
[حاشية الصاوي]
فِي أَوَّلِ الْمُخْتَارِ مُطْلَقًا إلَّا الظُّهْرَ لِجَمَاعَةٍ تَنْتَظِرُ غَيْرَهَا فَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهَا. وَتَحْتَهُ قِسْمَانِ: تَأْخِيرٌ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ، وَتَأْخِيرٌ لِلْإِبْرَادِ كَمَا عَلِمْت. تَنْبِيهٌ
قَوْلُ خَلِيلٍ: " وَفِيهَا نُدِبَ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ قَلِيلًا ": أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ يُنْدَبُ لِلْقَبَائِلِ وَالْحَرَسِ تَأْخِيرُ الْعِشَاءِ بَعْدَ الشَّفَقِ زَمَنًا قَلِيلًا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لَهَا، لِأَنَّ شَأْنَهُمْ التَّفَرُّقُ؛ ضَعِيفٌ. وَالرَّاجِحُ التَّقْدِيمُ مُطْلَقًا، فَلِذَلِكَ تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [وَالْأَفْضَلُ لِفَذٍّ] : أَيْ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ سَنَدٌ، فَفِعْلُهَا عِنْدَهُ فِي جَمَاعَةٍ آخِرَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا، فَذًّا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، وَجَزَمَ بِهِ الْبَاجِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ قِيَاسًا عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْعِشَاءِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ، لِأَجْلِ الْجَمَاعَةِ، فَأَوْلَى التَّأْخِيرُ.
قَوْلُهُ: [وَقِيلَ يُقَدِّمُ] : اُعْتُرِضَ الْقَوْلُ بِالتَّقْدِيمِ، بِأَنَّ الرِّوَايَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الصُّبْحِ يُنْدَبُ تَقْدِيمُهَا عَلَى جَمَاعَةٍ يَرْجُوهَا بَعْدَ الْإِسْفَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورِيَّ لَهَا وَإِلَّا لَوَجَبَ. وَرُدَّ بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَقَلَ اخْتِلَافَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي تَرْجِيحِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَذًّا عَلَى آخِرِهِ جَمَاعَةً أَوْ بِالْعَكْسِ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ لَا فِي خُصُوصِ الصُّبْحِ، وَحِينَئِذٍ فَإِطْلَاقُ الْمُؤَلِّفِ صَحِيحٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: [وَعُلِمَ مِنْ هَذَا] : أَيْ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
[مِنْ خفي عَلَيْهِ الْوَقْت]
قَوْلُهُ: [وَمَنْ خَفِيَ] إلَخْ: سَيَأْتِي مُحْتَرَزُهُ فِي قَوْلِهِ: [وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ] إلَخْ.
قَوْلُهُ: [لِظُلْمَةٍ أَوْ سَحَابٍ] : لَيْلًا أَوْ نَهَارًا.