وَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ الْمُفْتَى بِهِ، بِقَوْلِهِ: (فَالْقَسَامَةُ وَالْقَوْدُ بِتَدْمِيَةٍ أَوْ شَاهِدٍ) وَلَمْ يَجْعَلُوا هَذَا مِنْ التَّمَالُؤِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ فِرْقَتِهِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ مُؤَوِّلًا لِلْمُدَوَّنَةِ " لَا قَسَامَةَ ": إنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ عَنْ شَاهِدٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَعَلَيْهِ لَوْ قَامَ شَاهِدٌ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ لَكَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَالْقَوَدَ. وَقَوْلُهُ: " وَلَمْ يُعْلَمُ الْقَاتِلُ " أَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَعُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا.
(وَإِنْ تَأَوَّلُوا) : أَيْ الْبُغَاةُ: أَيْ قَامَتْ شُبْهَةٌ لِكُلِّ طَائِفَةٍ تَقْتَضِي جَوَازَ الْمُقَاتِلَةِ (فَهَدَرٌ) أَيْ فَالْمَقْتُولُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ هَدَرٌ؛ فَلَوْ تَأَوَّلَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَفِي، مَقْتُولِهَا الْقِصَاصُ وَفِي الْأُخْرَى هَدَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُتَأَوِّلَةَ دَافِعَةُ الظَّالِمَةِ عَنْ نَفْسِهَا، كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ: (كَزَاحِفَةٍ) : مُتَعَدِّيَةٌ غَيْرُ مُتَأَوِّلَةٍ بَلْ ظُلْمًا (عَلَى دَافِعَةٍ) .
وَلَمَّا قَدَّمَ سَبَبَ الْقَسَامَةِ ذَكَرَ تَفْسِيرَهَا بِقَوْلِهِ: (وَهِيَ) : أَيْ الْقَسَامَةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا (خَمْسُونَ يَمِينًا) : عَلَى مَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ يَحْلِفُهَا الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (مُتَوَالِيَةً) بِدُونِ تَفْرِيقٍ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ الْأَصْلَ التَّابِعَ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، قَالَ شَيْخُنَا فِي الْمَجْمُوعِ:.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ] : أَيْ لِكَوْنِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَجْعَلُوا هَذَا مِنْ التَّمَالُؤِ] : أَيْ بِحَيْثُ يُقْتَلُ الْجَمْعُ بِالْوَاحِدِ.
وَقَوْلُهُ: [لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ] : عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْجَعْلِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ] : أَيْ مِنْ إحْدَاهُمَا.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ تَأَوَّلُوا] إلَخْ: أَيْ كَالْوَقَائِعِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ.
[تَعْرِيف الْقَسَامَة]
قَوْلُهُ: [مُتَوَالِيَةً] : أَيْ فِي نَفْسِهَا لِأَنَّهُ أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ، لَكِنْ فِي الْعَمْدِ يَحْلِفُ هَذَا يَمِينًا وَهَذَا يَمِينًا حَتَّى تَتِمَّ أَيْمَانُهُمْ، وَلَا يَحْلِفُ وَاحِدٌ جَمِيعَ حَظِّهِ قَبْلَ حَظِّ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ إذَا نَكَلَ فِيهِ وَاحِدٌ بَطَلَ الدَّمُ، وَإِذَا بَطَلَ بِنُكُولِ وَاحِدٍ ذَهَبَتْ أَيْمَانُ غَيْرِهِ بِلَا فَائِدَةٍ، وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيَحْلِفُ كُلٌّ جَمِيعَ مَا يَنُوبُهُ قَبْلُ لِأَنَّ حَلِفَ أَصْحَابِهِ مَنْ نَكَلَ لَا يُبْطِلُ عَلَى أَصْحَابِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute