للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعَوْرَةِ الْوَاجِبِ سَتْرُهَا بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ وَلِلصَّلَاةِ أَيْضًا، لَكِنَّهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَاجِبَةٌ غَيْرُ شَرْطٍ مَا عَدَا الْمُغَلَّظَةَ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا. فَقَالَ:

(وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ) : الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُهَا (وَ) عَوْرَةُ (الْأَمَةِ) : الْقِنِّ بَلْ (وَإِنْ بِشَائِبَةٍ) : كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ مَعَ رَجُلٍ أَوْ مَعَ امْرَأَةٍ مَحْرَمٍ لَهُ.

(وَ) عَوْرَةُ (الْحُرَّةِ) : الْبَالِغَةِ (مَعَ امْرَأَةٍ) : كَبِيرَةٍ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ، فَقَوْلُهُ: [مَعَ امْرَأَةٍ] ، قَيْدٌ فِي الْحُرَّةِ، وَقَوْلُهُ: (مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ) : رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ.

ــ

[حاشية الصاوي]

[عَوْرَة الْمَرْأَة والأمة والرجل] [تَنْبِيه نهي الْغِلْمَان عَنْ الزِّينَة]

قَوْلُهُ: [كَأُمِّ وَلَدٍ] : هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ صَدْرَهَا وَعُنُقَهَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ - وَهُوَ كَذَلِكَ - خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُمَا عَوْرَةٌ. غَايَةُ مَا هُنَاكَ يُنْدَبُ لَهَا السَّتْرُ الْوَاجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ فِي الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ: [مَعَ رَجُلٍ] إلَخْ: رَاجِعٌ لِعَوْرَةِ الرَّجُلِ. وَأَمَّا الْأَمَةُ فَمَعَ أَيْ شَخْصٍ.

قَوْلُهُ: [أَوْ كَافِرَةٍ] : أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ الْحُرَّةُ أَوْ الْأَمَةُ مُسْلِمَةً، بَلْ وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً، وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْأَمَةِ. وَأَمَّا الْحُرَّةُ الْكَافِرَةُ فَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مَعَهَا مَا عَدَا الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ كَمَا فِي بْن، لَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ، وَقَوْلُ عب مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْأَطْرَافَ مَمْنُوعٌ، بَلْ فِي شب حُرْمَةُ جَمِيعِ الْمُسْلِمَةِ عَلَى الْكَافِرَةِ؛ لِئَلَّا تَصِفَهَا لِزَوْجِهَا الْكَافِرِ. فَالتَّحْرِيمُ لِعَارِضٍ لَا لِكَوْنِهِ عَوْرَةً كَمَا أَفَادَهُ فِي الْحَاشِيَةِ وَغَيْرِهِ إذَا عَلِمْت مَا فِي شب وَالْحَاشِيَةِ كَانَ كَلَامُ شَارِحِنَا مُسَلَّمًا، لِأَنَّهُ فِي بَيَانِ تَحْدِيدِ الْعَوْرَةِ، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ لِعَارِضٍ فَشَيْءٌ آخَرُ.

قَوْلُهُ: [مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ] : فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فَخْذُ الرَّجُلِ عَوْرَةً مَعَ مِثْلِهِ وَمَحْرَمِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، فَيَحْرُمُ كَشْفُهُ. وَقِيلَ: لَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ عِنْدَ مَنْ يَسْتَحْيِ مِنْهُ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ صَاحِبُ هَذَا الْقَوْلِ «بِكَشْفِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخْذَهُ بِحَضْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا دَخَلَ عُثْمَانُ سَتَرَهُ وَقَالَ: أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْمَلَائِكَةُ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>