عَادَةً أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى الْقَيْدِ الْأَوَّلِ؛ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلًا أَوْ وَجَدَهُ غَالِيًا غُلُوًّا فَاحِشًا جَازَ لَهُ لُبْسُ الْخُفِّ وَلَا فِدْيَةَ.
وَأَشَارَ الْقَيْدَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ: (إنْ قَطَعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبِ) كَمَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ، سَوَاءٌ كَانَ الْقَاطِعُ لَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، أَوْ كَانَ مِنْ أَصْلِ صَنْعَتِهِ كَالْبَابُورْجِ بِلُغَةِ الْمَغَارِبَةِ، (وَإِلَّا الِاحْتِزَامَ) بِثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ (لِعَمَلٍ) أَيْ لِأَجْلِهِ، فَلَا يَحْرُمُ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَرَغَ عَمَلُهُ وَجَبَ نَزْعُهُ.
(وَإِلَّا) : بِأَنْ لَبِسَ الْخُفَّ مَعَ وُجُودِ النَّعْلِ بِلَا غُلُوٍّ أَوْ احْتِزَامٍ لِغَيْرِ عَمَلٍ (فَفِدْيَةٌ) .
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ مِمَّا قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْجَوَازِ فَقَالَ:
(وَجَازَ) لِلْمُحْرِمِ (تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ) كَحَائِطٍ وَسَقِيفَةٍ، (وَخِبَاءٍ) خَيْمَةٍ (وَشَجَرٍ وَمَحَارَةٍ) : أَيْ مَحْمَلٍ وَمِحَفَّةٍ وَلَوْ مَكَثَ فِيهَا - سَاتِرًا أَوْ نَازِلًا - لِأَنَّ مَا عَلَيْهَا
ــ
[حاشية الصاوي]
كَعَدَمِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ إضَافَةِ الْغُلُوِّ إلَى النَّعْلِ عَدَمُ النَّظَرِ إلَى قِلَّةِ مَالِ الْمُشْتَرِي وَكَثْرَتِهِ، أَيْ أَنْ يَكُونَ الْغُلُوُّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ] : ظَاهِرُهُ أَنَّ الثُّلُثَ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ وَفِي (بْن) عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ الثُّلُثَ كَثِيرٌ.
قَوْلُهُ: [إنْ قَطَعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ] : قَالَ الْخَرَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْقَطْعِ لَوْ ثَنَى أَسْفَلَ الْكَعْبِ.
قَوْلُهُ [بِثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ] : هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُحْرِمُ لَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ أَوْ خَيْطٍ إذَا لَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ، فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى وَإِنْ أَرَادَ الْعَمَلَ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَحْتَزِمَ (اهـ) . فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَنْ قَيَّدَ الِاحْتِزَامَ بِالثَّوْبِ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِعِمَامَةٍ أَوْ حَبْلٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ، وَلَوْ لِعَمَلٍ، وَقَيَّدَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ الِاحْتِزَامَ بِكَوْنِهِ بِلَا عُقَدٍ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (ح) . وَحِينَئِذٍ فَنَفْيُ الْفِدْيَةِ عَنْ الِاحْتِزَامِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ لِعَمَلٍ وَأَنْ يَكُونَ بِلَا عُقَدٍ، وَمِثْلُ الِاحْتِزَامِ الِاسْتِثْفَارُ: وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَ إزَارَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَلْوِيًّا كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
[مَا يَجُوز ويتوهم فِيهِ عدم الْجَوَاز]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ مَكَثَ فِيهَا] إلَخْ: هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَمَا وَقَعَ فِي خَلِيلٍ