إذْ الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ. (إلَّا الْآدَمِيَّ) فَلَا يَجُوزُ أَكْلُهُ لِلضَّرُورَةِ لِأَنَّ مِيتَتَهُ سُمٌّ فَلَا تُزِيلُ الضَّرُورَةَ وَكَذَا الْخَمْرُ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ لِضَرُورَةِ عَطَشٍ لِأَنَّهُ مِمَّا يَزِيدُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (وَ) الْمُبَاحُ (خَمْرٌ تَعَيَّنَ لِغُصَّةٍ) أَيْ لِإِزَالَتِهَا لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَا لِغَيْرِ غُصَّةٍ.
(وَجَازَ) لِلْمُضْطَرِّ (الشِّبَعُ) مِنْ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْأَصَحِّ (كَالتَّزَوُّدِ) : أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّدُ مِنْهَا (إلَى أَنْ يُسْتَغْنَى) عَنْهَا، فَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا وَجَبَ طَرْحُهَا.
(وَ) إذَا وَجَدَ مِنْ الْمُحَرَّمِ مَيْتَةً وَخِنْزِيرًا وَصَيْدًا صَادَهُ مُحْرِمٌ (قَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى خِنْزِيرٍ وَصَيْدٍ مُحَرِّمٍ) حَيٍّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَأَوْلَى الِاصْطِيَادُ، (لَا) يُقَدَّمُ (عَلَى لَحْمِهِ) أَيْ لَحْمِ الصَّيْدِ إذَا وَجَدَهُ مَقْتُولًا أَوْ مَذْبُوحًا، بَلْ يُقَدَّمُ لَحْمُ الصَّيْدِ عَلَى الْمَيْتَةِ أَيْ أَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا وَجَدَ مَيْتَةً وَصَيْدَ الْمُحْرِمِ حَيًّا قَدَّمَ الْمَيْتَةَ عَلَى ذَبْحِ الصَّيْدِ، فَإِنْ وَجَدَهُ مَذْبُوحًا قَدَّمَهُ عَلَى الْمَيْتَةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ لِلْمُحْرِمِ، وَحُرْمَةَ الْمَيْتَةِ أَصْلِيَّةٌ.
ــ
[حاشية الصاوي]
لَيْسَ الْمُرَادُ مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ مِنْ خُصُوصِ حِفْظِ الْحَيَاةِ، بَلْ يَجُوزُ لَهُ الشِّبَعُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُ: [الْآدَمِيَّ] : أَيْ فَلَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهُ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَلَوْ مَاتَ الْمُضْطَرُّ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَبَعْضُهُمْ صَحَّحَ أَكْلَهُ لِلْمُضْطَرِّ إذَا كَانَ مَيِّتًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ شَرَفُهُ لَا عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ صَيْرُورَتُهُ سُمًّا لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُزِيلُ الضَّرُورَةَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [تَعَيَّنَ لِغُصَّةٍ] : أَيْ حَيْثُ خَشِيَ مِنْهَا الْهَلَاكَ وَيُصَدَّقُ الْمَأْمُونُ وَيَعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ.
[الْمُضْطَرّ]
قَوْلُهُ: [عَلَى الْأَصَحِّ] : وَنَصُّ الْمُوَطَّإِ: وَمِنْ أَحْسَنِ مَا سَمِعْت فِي الرَّجُلِ يُضْطَرُّ إلَى الْمَيْتَةِ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْهُ حَتَّى يَشْبَعَ وَيَتَزَوَّدَ مِنْهَا فَإِنْ وَجَدَ عَنْهَا غِنًى طَرَحَهَا (اهـ) .
قَوْلُهُ: [عَارِضَةٌ لِلْمُحْرِمِ] : أَيْ خَاصَّةً بِهِ حَالَ الْإِحْرَامِ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ فَحُرْمَتُهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute