إذَا كَانَتْ بَعِيدَةً جِدًّا. وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ أَوْ الْبَعِيدَةُ مُتَوَسِّطًا فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَهَا وَتَرَكَهَا وَلَمْ يُشْهِدْ فِي الْبُعْدِ كَانَ مُسْقِطًا لِبَعْضِ حَقِّهِ. (أَوْ قَالَ) الْمُدَّعِي: (عِنْدِي وَثِيقَةٌ) بِالْحَقِّ (فَقِيلَ) : أَيْ قَالَ (لَهُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: (ائْتِ بِهَا) وَخُذْ حَقَّك الَّذِي فِيهَا (فَادَّعَى ضَيَاعَهَا) مِنْهُ (وَصَالَحَ) فَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ بَعْدَ ذَلِكَ إذَا وَجَدَهَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا لَيْسَ بِمُنْكِرٍ وَإِنَّمَا طَلَبَ الْوَثِيقَةَ لِيَمْحُهَا أَوْ لِيَكْتُبَ عَلَيْهَا وَفَاءَ الْحَقِّ فَصَالَحَهُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ، فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ الْأَوَّل فَإِنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ مِنْ أَصْلِهِ وَالْمُدَّعِي إنَّمَا صَالَحَ لِعَدَمِ وُجُودِ صَكِّهِ.
(وَ) جَازَ صُلْحُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ (عَنْ إرْثٍ) يَخُصُّهُ (كَزَوْجَةٍ) مَاتَ زَوْجُهَا فَاسْتَحَقَّتْ الرُّبْعَ أَوْ الثُّمُنَ (مِنْ عَرْضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ) فَصَالَحَتْ الِابْنَ مَثَلًا (بِذَهَبٍ) فَقَطْ أَوْ وَرِقٍ فَقَطْ أَوْ عَرْضٍ بِشَرْطِ حُضُورِ مَا صَالَحَتْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَهَا] إلَخْ: هَذَا تَعْلِيلٌ لِلْبَعِيدَةِ وَأَمَّا الْقَرِيبَةُ وَالْمُتَوَسِّطَةُ فَلِتَعْجِيلِهِ الصُّلْحَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا لَيْسَ بِمُنْكِرٍ] : شُرُوعٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ وَجَدَ وَثِيقَةً بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: [لِيَمْحُهَا] : صَوَابُهُ لِيَمْحُوَهَا بِالْوَاوِ وَالْفِعْلِ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ بَعْدَ لَامِ التَّعْلِيلِ.
[صلح بَعْض الْوَرَثَة عَمَّا يَخُصّهُ]
قَوْلُهُ: [كَزَوْجَةٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ: أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَعَقَارًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِهِ مَثَلًا أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ. فَإِنْ أَخَذَتْ ذَهَبَا مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مَوْرِثِهَا مِنْ ذَهَبِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ أَوْ أَخَذَتْ دَرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مَوْرِثِهَا مِنْ دَرَاهِمِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ، وَالْحَالُ أَنَّ بَاقِيَ الذَّهَبِ حَاضِرٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَبَاقِيَ الدَّرَاهِمِ حَاضِرٌ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ كَانَ الذَّهَبُ يَزِيدُ دِينَارًا فَقَطْ عَنْ حِصَّتِهَا قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ كَثُرَتْ أَوْ زَادَ عَنْ دِينَارٍ وَقَلَّتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ قَلَّتْ الْعُرُوض الَّتِي تَخُصُّهَا بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ، فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [فَصَالَحَتْ الِابْنَ] : الْمُنَاسِبُ فَصَالَحَهَا الِابْنُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْمُصَالَحَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute