وَعُلِمَ مِنْ تَعْرِيفِ الْهِبَةِ كَالصَّدَقَةِ أَنَّ أَرْكَانَهَا أَرْبَعَةٌ: وَاهِبٌ، وَمَوْهُوبٌ، وَمَوْهُوبٌ لَهُ، وَصِيغَةٌ. وَأَنَّ شَرْطَ الْأَوَّلِ: أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ. وَأَنَّ شَرْطَ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْوَاهِبِ. وَأَنَّ شَرْطَ الثَّالِثِ: أَنْ يَكُونَ أَهْلًا لَأَنْ يَمْلِكَ مَا وُهِبَ لَهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ. فَمَتَى وُجِدَتْ الشُّرُوطُ صَحَّتْ الْهِبَةُ.
(وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً) جِنْسًا أَوْ قَدْرًا حَيْثُ حَصَلَ الْقَبُولُ كَ وَهَبَتْك مَا فِي يَدِي أَوْ بَيْتِي أَوْ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ (أَوْ كَلْبًا) لِصَيْدٍ أَوْ حِرَاسَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
فَإِنَّ الْحَجْرَ لِحَقِّ غَيْرِهِمْ لَا لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ، وَأَمَّا بُطْلَانُهَا فِي الْمُرْتَدِّ فَلِزَوَالِ مِلْكِهِ حَالَ الرِّدَّةِ.
قَوْلُهُ: [كَالصَّدَقَةِ] : أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ تَعْرِيفِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ جَامِعٌ لَهُمَا، وَإِنَّمَا التَّغَايُرُ بِقَصْدِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَقَصْدِ وَجْهِ الْمُعْطَى.
قَوْلُهُ: [وَاهِبٌ] إلَخْ: أَيْ وَيُقَالُ فِي الصَّدَقَةِ مُتَصَدِّقٌ وَمُتَصَدَّقٌ بِهِ وَمُتَصَدَّقٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ.
قَوْلُهُ: [وَإِنَّ شَرْطَ الْأَوَّلِ] : أَيْ وَهُوَ الْوَاهِبُ وَالْمُتَصَدِّقُ.
قَوْلُهُ: [أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْوَاهِبِ] : أَيْ أَوْ لِلْمُتَصَدِّقِ. فَهِبَةُ الْفُضُولِيِّ أَوْ صَدَقَتُهُ بَاطِلَةٌ. بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ إمْضَاءِ الْمَالِكِ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ تُرَتِّبُ أَثَرَهُ عَلَيْهِ مِنْ جَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَهِبَتِهِ أَنَّ بَيْعَهُ فِي نَظِيرِ عِوَضٍ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكِ. بِخِلَافِ هِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ وَكُلُّ مَا لَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ كَعِتْقِهِ وَوَقْفِهِ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَلَوْ أَجَازَهَا الْمَالِكُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوَقْفِ.
قَوْلُهُ: [وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ] : أَيْ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ لِأَهْلٍ.
[الْهِبَة الْمَجْهُولَة جنسا وَقَدْرًا]
قَوْلُهُ: [وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَةً] : دَخَلَ فِيهِ الْمُكَاتَبُ بِتَقْدِيرِ عَجْزِهِ وَهِبَةُ مِلْكِ غَيْرِهِ بِتَقْدِيرِ مِلْكِهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَلْبًا لِصَيْدٍ] : أَيْ وَأَمَّا الْكَلْبُ غَيْرُ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ فَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَلَا بَيْعُهُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَمْلُوكٍ شَرْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute