فَعُلِمَ أَنَّ شُرُوطَ وُجُوبِهَا: الذُّكُورِيَّةُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا، وَالْإِقَامَةُ. وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِهَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ لِأَنَّهُمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِهَا؛ لِأَنَّهُمَا شَرْطَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا، وَلَا يُعَدُّ الشَّيْءُ شَرْطًا فِي شَيْءٍ إلَّا إذَا كَانَ مُخْتَصًّا بِذَلِكَ الشَّيْءِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوُضُوءَ وَسِتْرَ الْعَوْرَةِ لَا يُعَدَّانِ مِنْ شُرُوطِهِمَا؛ لِكَوْنِهِمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِهَا.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ شُرُوطِ الْوُجُوبِ، شَرَعَ فِي بَيَانِ شُرُوطِ صِحَّتِهَا؛ وَهِيَ خَمْسَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ، إذًا كُلُّ شَرْطٍ مِنْهَا لَهُ شُرُوطٌ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ شَرْطَ الشَّرْطِ شُرُوطٌ. فَقَالَ:
(وَصِحَّتُهَا) : أَيْ وَشُرُوطُ صِحَّتِهَا خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا: الِاسْتِيطَانُ، وَهُوَ أَخَصُّ مِنْ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ الْإِقَامَةُ بِقَصْدِ التَّأْبِيدِ؛ الْإِقَامَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
كَفَتْ عَنْ الظُّهْرِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةٍ مَجْمُوعِهِ: لَا يَلْزَمُ هَذَا التَّعَبُ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْوِي إذَا أَحْرَمَ بِالْجُمُعَةِ الْفَرْضِيَّةَ فَلَمْ يَنُبْ عَنْ الْوَاجِبِ إلَّا وَاجِبٌ، فَالنَّدْبُ مِنْ حَيْثُ سَعْيُهُ لِحُضُورِهَا فَقَطْ. (اهـ) .
[شُرُوط صِحَّة الْجُمُعَةِ]
قَوْلُهُ: [إذْ كُلُّ شَرْطٍ مِنْهَا لَهُ شُرُوطٌ] : عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: (خَمْسَةٌ) إجْمَالًا. وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ شُرُوطَ الصِّحَّةِ إجْمَالًا خَمْسَةٌ: أَوَّلُهَا الِاسْتِيطَانُ وَلَهُ شَرْطَانِ: أَنْ يَكُونَ بِبَلَدٍ أَوْ أَخْصَاصٍ، وَأَنْ يَكُونَ بِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ تِلْكَ الْقَرْيَةُ عَادَةً بِالْأَمْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ. وَالشَّرْطُ الثَّانِي: حُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا؛ وَلَهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ: الْأَوَّلُ: كَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ. الثَّانِي: بَقَاؤُهُمْ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَتَيْنِ لِلسَّلَامِ. الثَّالِثُ: كَوْنُهُمْ مَالِكِيِّينَ أَوْ حَنَفِيِّينَ أَوْ شَافِعِيِّينَ مُقَلِّدِينَ لِمَالِكٍ أَوْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَى هَذَا الشَّارِحُ، وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: الْإِمَامُ. وَلَهُ شَرْطَانِ: كَوْنُهُ مُقِيمًا إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْخَلِيفَةُ. وَكَوْنُهُ الْخَاطِبَ إلَّا لِعُذْرٍ؛ وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: الْخُطْبَتَانِ وَذَكَرَ الشَّارِحُ لَهُمَا شُرُوطًا ثَمَانِيَةً، وَيُزَادُ تَاسِعٌ: وَهُوَ اتِّصَالُهُمَا بِالصَّلَاةِ. وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: الْجَامِعُ وَلَهُ شُرُوطٌ أَرْبَعٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ. فَتَكَامَلَ تَفْصِيلُ شُرُوطِ الصِّحَّةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ.
قَوْلُهُ: [لِأَنَّهُ الْإِقَامَةُ بِقَصْدِ التَّأْبِيدِ] : أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ جَمَاعَةٌ فِي بَلَدٍ خَرَابٍ مَثَلًا، وَنَوَوْا الْإِقَامَةَ فِيهِ مُدَّةً ثُمَّ يَرْتَحِلُونَ فَأَرَادُوا صَلَاةَ الْجُمُعَةِ فِيهِ فَلَا تَصِحُّ مِنْهُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute