أَعَمُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ) : مَبْنِيَّةٍ بِطُوبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ) اسْتِيطَانِ (أَخْصَاصٍ) مِنْ قَصَبٍ أَوْ أَعْوَادٍ تُرَمُّ بِحَشِيشٍ، (لَا خِيَمٍ) مِنْ شَعْرٍ أَوْ قُمَاشٍ، لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى أَهْلِهَا الِارْتِحَالُ فَأَشْبَهُوا الْمُسَافِرِينَ، نَعَمْ إنْ أَقَامُوا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ بَلَدِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا تَبَعًا لِأَهْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمَعْنَى كَوْنِ الِاسْتِيطَانِ شَرْطُ صِحَّةٍ أَنَّهُ لَوْلَاهُ مَا صَحَّتْ جُمُعَةٌ لِأَحَدٍ؛ وَكَمَا أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ هُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ، أَيْضًا؛ إذْ لَوْلَاهُ مَا وَجَبَتْ عَلَى أَحَدٍ جُمُعَةٌ.
وَيُشْتَرَطُ لِهَذَا الشَّرْطِ شَرْطَانِ: الْأَوَّلُ كَوْنُهُ بِبَلَدٍ أَوْ خِصَاصٍ كَمَا قَدَّمْنَا.
الثَّانِي: كَوْنُهُ (بِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى) أَيْ تُقَامُ وَتَسْتَغْنِي (بِهِمْ الْقَرْيَةُ) عَادَةً بِالْأَمْنِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالِاسْتِغْنَاءِ فِي مَعَاشِهِمْ الْعُرْفِيِّ عَنْ غَيْرِهِمْ. وَلَا يُحَدُّونَ بِحَدٍّ؛ كَمِائَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ كَانُوا لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ بِأَنْ كَانُوا مُسْتَنِدِينَ فِي مَعَاشِهِمْ لِغَيْرِهِمْ، فَإِنْ كَانُوا عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ تَبَعًا لَهُمْ،
ــ
[حاشية الصاوي]
بَلْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ إلَّا تَبَعًا لِمَنْ اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْجُمُعَةِ.
قَوْلُهُ: [وَمَعْنَى كَوْنِ الِاسْتِيطَانِ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الْبَلَدِ مُسْتَوْطَنًا أَيْ: مَنْوِيًّا الْإِقَامَةُ فِيهِ عَلَى التَّأْبِيدِ شَرْطُ صِحَّةٍ، وَاسْتِيطَانُ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ شَرْطُ وُجُوبٍ. فَمَتَى كَانَ الْبَلَدُ مُسْتَوْطَنًا وَالْجَمَاعَةُ مُتَوَطِّنَةٌ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ، وَصَحَّتْ مِنْهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ تَحْتَ حُكْمِ الْكُفَّارِ؛ كَمَا لَوْ تَغَلَّبُوا عَلَى بَلَدٍ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَأَخَذُوهُ وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ التَّوَطُّنِ وَلَا مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) .
قَوْلُهُ: [كَوْنُهُ بِبَلَدٍ أَوْ أَخْصَاصٍ] : أَيْ لَا خِيَمٍ فَلَا تَجِبُ إلَّا تَبَعًا.
قَوْلُهُ: [بِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى] إلَخْ: أَيْ قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ: بِأَنْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ الْأُمُورَ الْغَالِبَةَ، وَلَا يَضُرُّ خَوْفُهُمْ مِنْ الْجُيُوشِ الْكَثِيرَةِ لِأَنَّ هَذَا يُوجَدُ فِي الْمُدُنِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَمْنُ بِنَفْسِ الْعَدَدِ فَلَا يُعْتَبَرُ جَاهٌ وَلَا اعْتِقَادُ وِلَايَةٍ مَثَلًا لِأَنَّ الْأَمْنَ بِوَاسِطَةِ ذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مَعَ قِلَّةِ الْعَدَدِ جِدًّا. (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute