(الْوَدِيعَةُ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْعِ بِفَتْحِ الْوَاوِ: بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَفَعِيلَةٌ: بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَحَقِيقَتُهَا عُرْفًا: (مَالٌ) فَمَنْ اسْتَحْفَظَ وَلَدَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ غَيْرَهُ فَلَا يُسَمَّى وَدِيعَةً عُرْفًا (مُوَكَّلٌ) : اسْمُ مَفْعُولٍ أَيْ وَكَّلَ رَبُّهُ غَيْرَهُ (عَلَى حِفْظِهِ) :
ــ
[حاشية الصاوي]
[بَابٌ فِي الْوَدِيعَةِ وَأَحْكَامِهَا] [تَعْرِيف الْوَدِيعَة]
حُكْمُهَا كَمَا قَالَ (شب) عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ: مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لِلْفَاعِلِ وَالْقَابِلِ مُبَاحَةٌ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهَا: كَخَائِفٍ فَقْدَهَا الْمُوجِبَ هَلَاكَهُ أَوْ فَقْرَهُ إنْ لَمْ يُودِعْهَا مَعَ وُجُودِ قَابِلٍ لَهَا يَقْدِرُ عَلَى حِفْظِهَا. وَحُرْمَتُهَا: كَمُودَعِ شَيْءٍ غَصَبَهُ وَلَا يَقْدِرُ الْقَابِلُ عَلَى جَحْدِهَا لِيَرُدَّهَا إلَى رَبِّهَا أَوْ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ الْمُودَعُ مُسْتَغْرَقَ الذِّمَّةِ، وَلِذَا ذَكَرَ عِيَاضٌ فِي مَدَارِكِهِ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ: أَنَّ مَنْ قَبِلَ وَدِيعَةً مِنْ مُسْتَغْرِقٍ ذِمَّةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ ضَمِنَهَا لِلْفُقَرَاءِ، ثُمَّ قَالَ: وَنَدَبَهَا حَيْثُ يُخْشَى مَا يُوجِبُهَا دُونَ تَحَقُّقِهِ، وَكَرَاهَتُهَا حَيْثُ يُخْشَى مَا يُحْرِمُهَا دُونَ تَحَقُّقِهِ (اهـ) .
قَوْلُهُ: [بِمَعْنًى لِلتَّرْكِ] : أَيْ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [الضحى: ٣] أَيْ مَا تَرَكَ عَادَةَ إحْسَانِهِ فِي الْوَحْيِ إلَيْك؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ ادَّعَوْا ذَلِكَ لَمَّا تَأَخَّرَ عَنْهُ الْوَحْيُ.
قَوْلُهُ: [وَفَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ] : الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ بِالْفَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَحَقِيقَتُهَا عُرْفًا] : أَيْ وَأَمَّا لُغَةً: فَهِيَ الْأَمَانَةُ، وَتُطْلِقُ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ الْحِفْظَ. وَذَلِكَ يَعُمُّ حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ الْآدَمِيِّ.
قَوْلُهُ: [أَيْ وَكَّلَ رَبُّهُ غَيْرَهُ عَلَى حِفْظِهِ] : أَيْ فَالْإِيدَاعُ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى خُصُوصِ حِفْظِ الْمَالِ. وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ خَاصٌّ تَعْلَمُ أَنْ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الرَّشِيدُ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute