أَوَّلِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَقَدْ يَكُونُ سُدُسَ الْقَامَةِ كَمَا فِي بؤنة وَأَبِيبَ. وَقَدْ لَا يَكُونُ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي مَكَّةَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ، فَإِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ أَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ، وَذَلِكَ أَوَّلُ وَقْتِ الظُّهْرِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، فَذَلِكَ آخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ الِاخْتِيَارِيِّ.
وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ إلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ، وَاشْتَرَكَتْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فِي آخِرِ الْقَامَةِ بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، فَيَكُونُ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ وَأَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّيْت آخِرَ الْقَامَةِ وَقَعَتْ صَحِيحَةً. وَقِيلَ: بَلْ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَقَدَّمَ جَعْلَ بَعْضِهِمْ لِذَلِكَ ضَابِطًا بِقَوْلِهِ: " طزه جبا أبد وحي، فَالطَّاءُ قَدْرُ أَقْدَامِ ظِلِّ الزَّوَالِ بِطُوبَةٍ، وَالزَّايُ لِأَقْدَامِ أَمْشِيرَ وَهَكَذَا لِآخِرِهَا.
قَوْلُهُ: [كَمَا فِي مَكَّةَ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ] : أَيْ وَزِيدَ مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ وَبِالْمَدِينَةِ الشَّرِيفَةِ مَرَّةً، وَهُوَ أَطْوَلُ يَوْمٍ فِيهَا، قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلُ: بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ عَرْضَ الْمَدِينَةِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً، وَعَرْضَ مَكَّةَ إحْدَى وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَكِلَاهُمَا شَمَالِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ: بُعْدُ سَمْتِ رَأْسِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَنْ دَائِرَةِ الْمُعَدَّلِ وَالْمَيْلُ الْأَعْظَمُ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ دَرَجَةً وَالْمُرَادُ بِهِ بُعْدُ غَايَةِ الشَّمْسِ إذَا كَانَتْ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ مِنْ دَائِرَةِ الْمُعَدَّلِ، وَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ فِي غَايَةِ الْمَيْلِ الشَّمَالِيِّ كَانَتْ مُسَامِتَةً لِرَأْسِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فَيَنْعَدِمُ الظِّلُّ عِنْدَهُمْ، وَلَا تَكُونُ الشَّمْسُ كَذَلِكَ فِي الْعَامِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الشَّمْسُ فِي آخِرِ الْجَوْزَاءِ، وَإِذَا كَانَتْ الشَّمْسُ عَلَى مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ وَكَانَ الْمَيْلُ الشَّمَالِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ دَرَجَةً كَانَتْ مُسَامِتَةً لِرَأْسِ أَهْلِ مَكَّةَ فَيَنْعَدِمُ الظِّلُّ عِنْدَهُمْ فِي يَوْمَيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ، يَوْمٌ قَبْلَ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ وَيَوْمٌ بَعْدَهُ فِي تَنَقُّلَاتِهَا. فَإِنْ كَانَ الْعَرْضُ أَكْثَرَ مِنْ الْمَيْلِ الْأَعْظَمِ كَمَا فِي مِصْرَ - فَإِنَّ عَرْضَهَا ثَلَاثُونَ - لَمْ يَنْعَدِمْ الظِّلُّ أَصْلًا، لِأَنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُسَامِتْهُمْ، دَائِمًا فِي جَنُوبِهِمْ. (اهـ.) .
[تَنْبِيه لَوْ خطى وَلِي مِنْ قطر إلَى قطر]
قَوْلُهُ: [وَاشْتَرَكَتْ الظُّهْرُ] إلَخْ: وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا؛ فَآخِرُ وَقْتِ الظُّهْرِ آخِرُ الْقَامَةِ الْأُولَى، وَأَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوَّلُ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ. قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: تَاللَّهِ مَا بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكٌ، وَلَقَدْ زَلَّتْ فِيهِ أَقْدَامُ الْعُلَمَاءِ.
قَوْلُهُ: [بِقَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ] : أَيْ فِي الْحَضَرِ وَبِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ.
قَوْلُهُ: [وَقَعَتْ صَحِيحَةً] : وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute