فَإِنْ انْحَرَفَ لِغَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا بِلَا ضَرُورَةٍ بَطَلَ نَفْلُهُ إلَّا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ. وَجَازَ لَهُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَيْهَا أَنْ يَعْمَلَ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ رَكْضِ دَابَّةٍ وَمَسْكِ عَنَانِهَا وَسَوْقِهَا بِسَوْطٍ وَنَحْوِهِ، لَا بِكَلَامٍ.
ثُمَّ صَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ دَابَّةٍ وَهُوَ السَّفِينَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ:
(لَا) إنْ رَكِبَ (سَفِينَةً) فَلَا يُصَلِّي فِيهَا صَوْبَ سَفَرِهِ وَلَا بِالْإِيمَاءِ، بَلْ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ لِتَيَسُّرِ التَّوَجُّهِ لِلْقِبْلَةِ، وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، وَحِينَئِذٍ (فَيَسْتَقْبِلُ) الْقِبْلَةَ (وَدَارَ مَعَهَا) أَيْ مَعَ دَوَرَانِهَا إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا دَارَتْ لِغَيْرِهَا (إنْ أَمْكَنَ) الدَّوَرَانُ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِضِيقٍ وَنَحْوِهِ صَلَّى حَيْثُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِلَا ضَرُورَةٍ] : أَيْ فَإِنْ كَانَ انْحِرَافُهُ لِضَرُورَةٍ كَظَنِّهِ أَنَّهَا طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَصَلَ لِمَحَلِّ إقَامَتِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسِيرًا كَالتَّشَهُّدِ، وَإِلَّا فَلَا يَنْزِلُ: عَنْهَا. وَإِذَا نَزَلَ عَنْهَا أَتَمَّ بِالْأَرْضِ مُسْتَقْبِلًا رَاكِعًا وَسَاجِدًا لَا بِالْإِيمَاءِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْإِيمَاءَ فِي النَّفْلِ لِلصَّحِيحِ غَيْرِ الْمُسَافِرِ، فَيُتِمُّ عَلَيْهَا بِالْإِيمَاءِ وَالْمُرَادُ مَحَلُّ إقَامَتِهِ الَّذِي يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلُهُ.
[الْأَحْوَال الَّتِي يَجُوز فِيهَا الْفَرْض لِغَيْرِ الْقِبْلَة]
قَوْلُهُ: [لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ] : الْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ، هَلْ يُصَلِّي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَوْ لَا يُصَلِّي لِغَيْرِهَا أَصْلًا؟ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي السَّفِينَةِ إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ، أَوْ لَا يَجُوزُ؟ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا فِي فَرْضٍ وَلَا فِي نَفْلٍ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ] إلَخْ: أَيْ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْعَجْزِ بَلْ السُّجُودُ أَيْضًا لَا فَرْقَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute