فِيهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ فَاسِقٌ بِمَكَانٍ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ دَخَلْت هَذَا الْمَكَانَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِذَا زَالَ الْفَاسِقُ مِنْهُ وَدَخَلَتْ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: مَا دَامَ هَذَا الْفَاسِقُ مَوْجُودًا فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ.
بِخِلَافِ مَا لَوْ سَبَّكَ إنْسَانٌ فَحَلَفَ: لَا أُكَلِّمُهُ. أَوْ تَشَاجَرَ مَعَ جَارِهِ فَحَلَفَ: لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ بِسَاطٌ.
(فَعُرْفٌ قَوْلِيٌّ) : أَيْ ثُمَّ إذَا لَمْ يُوجَدْ بِسَاطٌ اُعْتُبِرَ تَخْصِيصٌ أَوْ تَقْيِيدُ الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ: أَيْ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقَوْلُ؛ أَيْ اللَّفْظُ فِي عُرْفِهِمْ فَالْمُرَادُ الْعُرْفُ الْخَاصُّ: كَمَا لَوْ كَانَ عُرْفُهُمْ اسْتِعْمَالَ الدَّابَّةِ فِي الْحِمَارِ، وَالْمَمْلُوكِ فِي الْأَبْيَضِ، وَالثَّوْبِ فِيمَا يَسْلُكُ فِي الْعُنُقِ، فَحَلَفَ حَالِفٌ: أَنْ لَا يَشْتَرِيَ دَابَّةً وَلَا مَمْلُوكًا وَلَا ثَوْبًا، وَلَا نِيَّةَ لَهُ، فَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ فَرَسٍ وَلَا زِنْجِيٍّ وَلَا عِمَامَةٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَيْسَ فِيهِ بِسَاطٌ] : أَيْ لِمَا عَلِمْت مِنْ شَرْحِ النَّظْمِ.
تَنْبِيهٌ:
ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ مِنْ أَمْثِلَةِ الْبِسَاطِ: مَنْ حَلَفَ لَيَشْتَرِيَن دَارَ فُلَانٍ فَلَمْ يَرْضَ بِثَمَنِ مِثْلِهَا، فَأَقْوَى الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا فِي (ح) وَكَذَا لَيَبِيعَن فَأَعْطَى دُونَ ثَمَنِ الْمِثْلِ (اهـ) .
وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ سَمِعَ الطَّبِيبَ يَقُولُ: لَحْمُ الْبَقَرِ دَاءٌ فَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَلَا يَحْنَثُ بِلَحْمِ الضَّأْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ لَوْ قِيلَ لَهُ: أَنْتَ تُزَكِّي الشُّهُودَ لِأَجْلِ شَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُمْ، فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنَّهُ لَا يُزَكِّي وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّ زَوْجَتَهُ لَا تُعْتِقُ أَمَتَهَا وَكَانَتْ أَعْتَقَتْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَحْنَثُ، لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لَمْ يَحْلِفْ كَمَا فِي الْبَدْرِ.
وَمِنْهَا مَنْ حَلَفَ أَنَّهُ يَنْطِقُ بِمِثْلِ مَا تَنْطِقُ بِهِ زَوْجَتُهُ فَقَالَتْ أَنْتَ طَالِقٌ فَلَا يُحَاكِيهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَتْ زَوْجَةُ أَمِيرٍ أَنَّهَا لَا تَسْكُنُ بَعْدَ مَوْتِهِ دَارَ الْإِمَارَةِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ أَمِيرًا آخَرَ فَأَسْكَنَهَا بِهَا لَمْ تَحْنَثْ لِأَنَّ بِسَاطَ يَمِينِهَا انْحِطَاطُ دَرَجَتِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ، وَمِنْهُ لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا ثُمَّ وَجَدَ فِي حِجْرِ زَوْجَتِهِ شَيْئًا مَسْتُورًا فَقَالَتْ لَا أُرِيكَهُ حَتَّى تَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ لَتَأْكُلَن مِنْهُ، فَحَلَفَ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الَّذِي فِي حِجْرِهَا بَيْضًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَكْلُ مِنْهُ (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) وَالْعَالِمُ بِالْقَوَاعِدِ يَقِيسُ.
[مِمَّا يُخَصِّصُ الْيَمِينَ العرف الْقَوْلِيّ]
قَوْلُهُ: [فَعُرْفٌ قَوْلِيٌّ] : اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْفِعْلِيِّ، فَإِنَّهُ قَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ، فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute