فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ وَبَعْضِ أَحْكَامِهَا (الْجِزْيَةُ مَالٌ يَضْرِبُهُ) : أَيْ يَجْعَلُهُ (الْإِمَامُ) (عَلَى كَافِرٍ) كِتَابِيٍّ أَوْ مُشْرِكٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَلَوْ قُرَشِيًّا.
(ذَكَرٍ حُرٍّ) لَا أُنْثَى وَلَا رَقِيقٍ.
(مُكَلَّفٍ) لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ.
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ وَبَعْضِ أَحْكَامِهَا] [تَعْرِيف الْجِزْيَةَ]
فَصْلٌ: لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ أَتْبَعَهُ بِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ جِزْيَةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ، وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الْجِزْيَةِ لِأَنَّهَا الْأَمْرُ الثَّانِي الْمَانِعُ مِنْ الْقِتَالِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَدُعُوا لِلْإِسْلَامِ فَالْجِزْيَةِ.
وَالْجِزْيَةُ بِكَسْرِ الْجِيمِ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْمُجَازَاةِ لِأَنَّهَا جَزَاءٌ لِكَفِّنَا عَنْهُمْ وَتَمْكِينِهِمْ مِنْ سُكْنَى دَارِنَا، وَقِيلَ: مِنْ جَزَى يَجْزِي إذَا قَضَى قَالَ تَعَالَى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي} [البقرة: ٤٨] أَيْ لَا تَقْضِي، وَجَمْعُهَا الْجِزَى بِكَسْرِ الْجِيمِ مِثْلُ لِحْيَةٍ وَلِحًى. وَشُرِعَتْ فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ وَقِيلَ التَّاسِعَةُ مِنْ الْهِجْرَةِ. وَاصْطِلَاحًا: مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: " مَالٌ " إلَخْ.
قَوْلُهُ: [أَيْ يَجْعَلُهُ الْإِمَامُ] : فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، إلَّا أَنَّهُ إنْ وَقَعَ يُمْنَعُ الْقَتْلُ وَالْأَسْرُ، وَحِينَئِذٍ فَيُرَدُّ لِمَأْمَنِهِ حَتَّى يَعْقِدَهَا مَعَهُ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ قُرَشِيًّا] : أَيْ فَتُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْهُ عَلَى الرَّاجِحِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ إجْمَاعًا، إمَّا لِمَكَانَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ لِأَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُمْ كَافِرٌ فَمُرْتَدٌّ، وَإِذَا ثَبَتَتْ الرِّدَّةُ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ بَلْ يَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا.
قَوْلُهُ: [لَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ] : فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ، أَوْ عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أُخِذَتْ مِنْهُمْ وَلَا يُنْتَظَرُ حَوْلٌ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ الْإِفَاقَةِ، وَمَحَلُّ أَخْذِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute