للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَجَّ بَعْدَ عُمْرَتِهِ فِي عَامٍ وَاحِدٍ، فَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِلتَّمَتُّعِ وَأَوَّلُهَا يَمْضِي تَحَلُّلُهُ، وَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ انْتَقَلَ مِنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ إذْ عُمْرَتُهُ كَلَا عُمْرَةٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهَا أَوَّلًا

وَثَانِيهَا لَا يَمْضِي وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ، وَمَا فَعَلَهُ مِنْ التَّحَلُّلِ لَغْوٌ لِأَنَّ إبْقَاءَهُ لِدُخُولِ وَقْتِهِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ.

وَذَكَرَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ - وَهُوَ صَدُّهُ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ - بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ وَقَفَ) بِعَرَفَةَ (وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ) : بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ وَلَوْ بِحَقٍّ (فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ، وَلَا يَحِلُّ بِالْإِفَاضَةِ وَلَوْ بَعْدَ سِنِينَ) .

وَذَكَرَ الثَّالِثَ وَهُوَ مَا إذَا حُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا بِقَوْلِهِ:

(وَإِنْ حُصِرَ عَنْهُمَا بِعَدُوٍّ) صَدَّهُ عَنْهُمَا مَعًا، (أَوْ حَبْسٍ) لَا بِحَقٍّ

ــ

[حاشية الصاوي]

قَوْلُهُ: [وَأَوَّلُهَا يَمْضِي تَحَلُّلُهُ] : أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي آلَ إلَيْهَا الْأَمْرُ فِي التَّحَلُّلِ لَيْسَتْ كَإِنْشَاءِ عُمْرَةٍ ابْتِدَائِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى الْحَجِّ، وَإِلَّا كَانَتْ لَاغِيَةً لِمَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَلَغَا عُمْرَةٌ عَلَيْهِ " فَلِذَا قِيلَ: إنَّ تَحَلُّلَهُ بِفِعْلِ الْعُمْرَةِ يَمْضِي.

قَوْلُهُ: [وَثَانِيًا لَا يَمْضِي] : أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ أَيْ عَلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ الَّتِي آلَ إلَيْهَا الْأَمْرُ كَإِنْشَاءِ عُمْرَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إنْشَاءَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ لَغْوٌ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ.

[الْإِحْصَار عَنْ الْبَيْت بَعْد الْوُقُوف بعرفه]

قَوْلُهُ: [وَهُوَ صَدُّهُ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ] : ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ غَيْرِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: " فَقَطْ "، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَدْرَكَ الْوُقُوفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ، سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ أَيْضًا أَمْ لَا، وَلِذَلِكَ قَالَ خَلِيلٌ: وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ فَحَجُّهُ تَمَّ. وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ. وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ.

قَوْلُهُ: [وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ] : هَذَا إذَا كَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ عِنْدَ الْقُدُومِ، ثُمَّ حُصِرَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ قَدَّمَ السَّعْيَ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ.

[الْإِحْصَار عَنْ الْبَيْت وعن عَرَفَةَ]

قَوْلُهُ: [أَوْ حَبْسٍ لَا بِحَقٍّ] إلَخْ: اعْتِبَارُ كَوْنِ الْحَبْسِ ظُلْمًا بِالنِّيَّةِ لِحَالِ الشَّخْصِ فِي نَفْسِهِ، لِأَنَّ الْإِحْلَالَ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>