بَلْ (ظُلْمًا فَلَهُ التَّحَلُّلُ مَتَى شَاءَ) وَهُوَ الْأَفْضَلُ (بِالنِّيَّةِ، وَلَوْ دَخَلَ مَكَّةَ) أَوْ قَارَبَهَا. وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ، وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ فَيَحِلُّ بِعُمْرَةٍ أَوْ لِقَابِلٍ حَتَّى يَقِفَ وَيُتِمَّ حَجَّهُ.
وَمِثْلُ مَنْ صُدَّ عَنْهُمَا مَعًا بِمَا ذَكَرَ مَنْ صُدَّ عَنْ الْوُقُوفِ فَقَطْ، بِمَكَانٍ بَعِيدٍ عَنْ مَكَّةَ أَيْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ.
(وَنَحَرَ) عِنْدَ تَحَلُّلِهِ بِالنِّيَّةِ (هَدْيَهُ) الَّذِي كَانَ مَعَهُ، (وَحَلَقَ) أَوْ قَصَّرَ بِشَرْطَيْنِ: أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَانِعِ) حِينَ إرَادَةِ إحْرَامِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَظَاهِرُ الطِّرَازِ يُوَافِقُهُ كَذَا فِي (بْن) نَقَلَهُ مُحَشِّي الْأَصْلِ. وَذَكَرَ فِي الْحَاشِيَةِ: أَنَّ الرِّيحَ إذَا تَعَذَّرَ عَلَى أَصْحَابِ السُّفُنِ لَا يَكُونُ كَحِصَارِ الْعَدُوِّ، بَلْ هُوَ مِثْلُ الْمَرَضِ لِأَنَّهُمْ يَقْتَدِرُونَ عَلَى الْخُرُوجِ فَيَمْشُونَ (اهـ.) وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُهُ فِي الْحَاشِيَةِ ظَاهِرٌ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ مَعَ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " ظُلْمًا " أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَبْسُهُ بِحَقٍّ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ، بَلْ يَدْفَعُ مَا عَلَيْهِ وَيُتِمُّ نُسُكَهُ، وَأَمَّا مَنْ يُحْبَسُ فِي تَغْرِيبِ الزِّنَا فَهُوَ كَالْمَرِيضِ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِعُمْرَةٍ حَيْثُ فَاتَهُ الْحَجُّ.
قَوْلُهُ: [فَلَهُ التَّحَلُّلُ مَتَى شَاءَ] : أَيْ مِمَّا هُوَ مُحْرِمٌ بِهِ وَقَوْلُهُ: " بِالنِّيَّةِ " هُوَ الْمَشْهُورُ. خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِنَحْرِ الْهَدْيِ وَالْحَلْقِ، بَلْ الْحَلْقُ سُنَّةٌ وَلَيْسَ الْهَدْيُ بِوَاجِبٍ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ مِنْ أَفْضَلِيَّةِ التَّحَلُّلِ عَنْ الْبَقَاءِ عَلَى إحْرَامِهِ مُطْلَقًا قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ لَا، دَخَلَهَا أَوْ لَا، هُوَ الصَّوَابُ كَمَا يَأْتِي، وَأَمَّا قَوْلُ الْخَرَشِيِّ: فَلَهُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ، وَيُكْرَهُ لَهُ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا، فَغَيْرُ صَوَابٍ، لِأَنَّ مَا قَالَهُ الْخَرَشِيُّ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْبَيْتِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَلَيْسَ عَلَيْهِ التَّحَلُّلُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ] : أَيْ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا فَلَا يُكَلَّفُ بِمَا لَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ، غَايَةُ مَا هُنَاكَ يُخَيَّرُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
قَوْلُهُ: [إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْمَانِعِ] : وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَلِمَ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute