مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (وَلَمْ يَظْعَنْ) : أَيْ يَشْرَعْ فِي السَّفَرِ. وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ حِينَئِذٍ فَسْخٌ بَلْ الْكَلَامُ لِرَبِّ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لَهُ الْعَامِلُ غُرْمَ مَا اشْتَرَى بِهِ الزَّادَ. فَإِنْ تَزَوَّدَ الْعَامِلُ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ لَا لِرَبِّ الْمَالِ، إلَّا أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَا غَرِمَهُ فِي الزَّادِ. (وَإِلَّا) بِأَنْ عَمِلَ فِي الْحَضَرِ أَوْ ظَعَنَ فِي السَّفَرِ (فَلِنَضُوضِهِ) : أَيْ الْمَالِ بِبَيْعِ السِّلَعِ، وَلَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي فَسْخِهِ.
(وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ طَلَبَ نَضُوضَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ لِيَظْهَرَ الْمَالُ، وَطَلَبَ الْآخَرُ الصَّبْرَ لِغَرَضٍ كَزِيَادَةِ رِبْحٍ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِيمَا هُوَ الْأَصْلَحُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نَضُوضِهِ جَازَ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ الْعُرُوضِ بِالْقِيمَةِ.
(وَالْعَامِلُ أَمِينٌ؛ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ) أَيْ الْمَالِ (وَ)
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَمْ يَظْعَنْ] : هُوَ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمُشَالَةِ مَعْنَاهُ الشُّرُوعُ فِي السَّفَرِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَقَاطِنٌ قَوْمُ سَلْمَى أَمْ نَوَوْا ظَعَنَا ... إنْ يَظْعَنُوا فَعَجِيبٌ عَيْشُ مَنْ قَطَنَا
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لَهُ] إلَخْ: حَاصِلُهُ: أَنَّ تَزَوُّدَ الْعَامِلِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَمْنَعُهُ مِنْ حَلِّ الْعَقْدِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لِرَبِّ الْمَالِ عِوَضَهُ، وَلَا يُمْنَعُ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ، وَتَزَوُّدُهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَهُ حَلُّ الْعَقْدِ، وَيُمْنَعُ رَبُّ الْمَالِ مِنْهُ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ عِوَضَهُ؛ هَذَا مَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ كَمَا فِي (بْن) خِلَافًا لِمَا فِي (عب) قَوْلُهُ: [فَلِنَضُوضِهِ] : أَيْ فَيَبْقَى الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ لِنَضُوضِهِ أَيْ خُلُوصِهِ بِبَيْعِ السِّلَعِ.
قَوْلُهُ: [فِيمَا هُوَ الْأَصْلَحُ] : أَيْ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَيُحْكَمُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَاكِمٌ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ وَاسْتَظْهَرَ فِي الْحَاشِيَةِ كِفَايَةَ وَاحِدٍ عَارِفٍ يَرْضَيَانِهِ. تَنْبِيهٌ:
إنْ مَاتَ الْعَامِلُ قَبْلَ النَّضُوضِ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكْمِلَهُ عَلَى حُكْمِ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا أَتَى بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ هَدَرًا مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَلَا أُجْرَةٍ كَمَا أَفَادَهُ الْأَصْلُ.
[الْعَامِلُ أَمِينٌ فِي الْقِرَاضِ]
قَوْلُهُ: [فَالْقَوْلُ لَهُ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ] : وَكَذَا الْقَوْلُ لَهُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمَالِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute