وَكَرِهَ مَالِكٌ الرُّقْيَةَ بِالْحَدِيدِ وَالْمِلْحِ وَنَحْوِ خَاتَمِ سُلَيْمَانَ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ.
إنْ قُلْت قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ وَهُمْ الَّذِينَ يَرْقُونَ وَلَا يَسْتَرِقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» وَالْجَوَابُ: أَنَّ الِاسْتِرْقَاءَ مَطْلُوبٌ لِمَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى أَلَمِ الْمَرَضِ وَلَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ وَيَكُونُ النَّفْيُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ قُدْرَةٌ إلَخْ.
(وَ) يَجُوزُ (التَّدَاوِي) وَقَدْ يَجِبُ وَسَوَاءٌ كَانَ التَّدَاوِي (ظَاهِرًا) فِي ظَاهِرِ الْجَسَدِ كَوَضْعِ دَوَاءٍ عَلَى جُرْحٍ (وَبَاطِنًا) كَسَفُوفٍ وَشُرْبَةٍ لِوَجَعِ الْبَاطِنِ وَيَكُونُ (مِمَّا عُلِمَ نَفْعُهُ فِي) عِلْمِ (الطِّبِّ) وَأَلَّا يَحْصُلَ ضَرَرٌ أَكْثَرُ مِمَّا كَانَ وَإِذَا عَالَجَ طَبِيبٌ عَارِفٌ وَمَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ عِلَاجِهِ الْمَطْلُوبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَفْضَلُ الدَّوَاءِ خِفَّةُ الْمَعِدَةِ إذْ التُّخَمَةُ أَصْلُ كُلِّ دَاءٍ.
(وَ) تَجُوزُ (الْحِجَامَةُ) بِمَعْنَى تُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَقَدْ تَجِبُ وَيَنْبَغِي تَرْكُهَا يَوْمَ السَّبْتِ وَالْأَرْبِعَاءِ لِمَا وَرَدَ: «مَنْ احْتَجَمَ يَوْمَ السَّبْتِ أَوْ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَأَصَابَهُ مَرَضٌ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» فَقَدْ احْتَجَمَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ فَمَرِضَ، فَرَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَامِهِ فَشَكَا إلَيْهِ مَا بِهِ فَقَالَ: أَمَا سَمِعْت مَنْ احْتَجَمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ؟ إلَخْ فَقَالَ: نَعَمْ وَلَكِنْ لَمْ يَصِحَّ، فَقَالَ: أَمَا يَكْفِيك قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ ، قَالَ الْغَزَالِيُّ:
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَالْجَوَابُ أَنَّ الِاسْتِرْقَاءَ] إلَخْ: وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ النَّهْيَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اُعْتُقِدَ أَنَّ الرُّؤْيَا تُؤَثِّرُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِقُوَّةٍ أَوْدَعَهَا اللَّهُ فِيهَا، فَإِنَّ الْأَوَّلَ كُفْرٌ وَالثَّانِيَ فِسْقٌ.
[حُكْم التَّدَاوِي]
قَوْلُهُ: [وَأَلَّا يَحْصُلَ ضَرَرٌ] إلَخْ: مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: بِمَا عُلِمَ نَفْعُهُ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَدَاوَى بِمَا لَمْ يُعْلَمْ نَفْعُهُ يَحْصُلُ الضَّرَرُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [وَأَفْضَلُ الدَّوَاءِ] إلَخْ: أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ: «الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ وَالْحِمْيَةُ رَأْسُ الدَّوَاءِ وَأَصْلُ كُلِّ دَاءٍ الْبَرَدَةُ» .
[حُكْم الْحَجَّامَة]
قَوْلُهُ [وَيَنْبَغِي تَرْكُهَا يَوْمَ السَّبْتِ] : أَيْ لِغَيْرِ قَوِيِّ الْيَقِينِ وَلِغَيْرِ الْمُقْتَدَى بِهِ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَنْبَغِي لَهُمَا التَّحَرُّزُ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ لِقَوْلِ مَالِكٍ: لَا تُعَادِ الْأَيَّامَ فَتُعَادِيَك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute