(وَ) النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ: (مَا يَمُوتُ بِهِ) : أَيْ كُلُّ فِعْلٍ يَمُوتُ بِهِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ، (نَحْوُ الْجَرَادِ) وَالدُّودِ وَخُشَاشِ الْأَرْضِ، إذَا عَجَّلَ ذَلِكَ الْفِعْلُ مَوْتَهُ بَلْ (وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ) مَوْتَهُ (كَقَطْعِ جَنَاحٍ) أَوْ رِجْلٍ (أَوْ إلْقَاءٍ بِمَاءٍ) حَارٍّ فَأَوْلَى قَطْعُ رَأْسٍ.
وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةٍ، وَتَسْمِيَةٍ كَمَا قَالَ:
(وَوَجَبَ) وُجُوبَ شَرْطٍ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ: (نِيَّتُهَا) : أَيْ قَصْدُهَا وَلَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ حِلَّ الْأَكْلِ، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نِيَّةٌ كَالْمَجْنُونِ لَمْ تُؤْكَلْ ذَبِيحَتُهُ، وَكَذَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ الْفِعْلِ إزْهَاقَ رُوحِهَا وَمَوْتَهَا دُونَ الذَّكَاةِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا، كَمَنْ ضَرَبَ الْحَيَوَانَ لِدَفْعِ شَرِّهِ مَثَلًا بِسَيْفٍ فَقَطَعَ حُلْقُومَهُ وَأَوْدَاجَهُ
(وَ) وَجَبَ عِنْدَ التَّزْكِيَةِ (ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ) بِأَيِّ صِيغَةٍ مِنْ تَسْمِيَةٍ أَوْ تَهْلِيلٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
لِمُضْطَرٍّ حَتَّى مَاتَ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمُضْطَرُّ، فَيَضْمَنُ دِيَةَ خَطَأٍ إنْ تَأَوَّلَ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ. وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: عَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَمِنْهَا مَنْ طُلِبَ مِنْهُ عُمُدٌ أَوْ خَشَبٌ لِيُسَدَّ بِهِ كَجِدَارٍ، فَامْتَنَعَ حَتَّى وَقَعَ الْجِدَارُ فَيَضْمَنُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مَائِلًا وَمَهْدُومًا وَيَقْضِي لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْمُوَاسَاةُ بِالثَّمَنِ أَيْ عَلَى الْمُوَاسِي إنْ وُجِدَ مَعَ الْمُضْطَرِّ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا بِبَلَدِهِ، أَوْ تَيَسَّرَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ شَيْءٌ. وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ: مَا يَشْمَلُ الْأُجْرَةَ فِي الْعُمُدِ وَالْخَشَبِ، هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الْأَصْلِ وَشُرَّاحِهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِتَفَاصِيلِهَا ذُكِرَتْ هُنَا اسْتِطْرَادًا لِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ: وَضَمِنَ مَارٌّ إلَخْ.
[مَا يموت بِهِ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْس سَائِلَة]
قَوْلُهُ: [وَالدُّودُ] : أَيْ غَيْرُ دُودِ نَحْوِ الْفَاكِهَةِ مِنْ كُلِّ مَا تَخَلَّقَ فِي الطَّعَامِ كَدُودِ الْمِشِّ وَسُوسِ نَحْوِ الْفُولِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ وَسَيَأْتِي إيضَاحُهُ فِي بَابِ الْمُبَاحِ.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَلَوْ لَمْ يُعَجِّلْ مَوْتَهُ] : أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْمَوْتِ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَكَاةُ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً بِمَا يَمُوتُ بِهِ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ السَّمَكُ وَالْجَرَادُ» ؛ فَمُرَادُهُ بِحِلِّ الْمَيْتَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَرَادِ عَدَمُ ضَبْطِ ذَكَاتِهِ كَغَيْرِهِ مِمَّا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ اسْتِوَاءَهُ مَعَ السَّمَكِ.
[النِّيَّة وَالتَّسْمِيَة فِي كُلّ أَنْوَاع الذَّكَاة]
قَوْلُهُ: [وَوَجَبَ وُجُوبَ شَرْطٍ] : أَيْ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute