وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلَهُ: (كَتَرْكِ تَخْلِيصِ) شَيْءٍ (مُسْتَهْلَكٍ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ) قَدَرَ عَلَى تَخْلِيصِهِ بِيَدِهِ أَوْ جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ. وَيَغْرَمُ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ، وَفِي الْمَالِ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ، وَأَوْلَى فِي الضَّمَانِ: لَوْ تَسَبَّبَ فِي الْإِتْلَافِ؛ كَدَالٍّ سَارِقٍ أَوْ ظَالِمٍ، وَحَافِرِ حُفْرَةٍ، وَوَاضِعِ مَزْلَقٍ لِوُقُوعِ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ وَشُرَّاحِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مُسْتَهْلَكٌ] : أَيْ مُتَوَقَّعٌ هَلَاكُهُ، وَلَوْ كَانَ التَّارِكُ لِلتَّخْلِيصِ صَبِيًّا لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ كَمَا عَلِمْت. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ تَخْلِيصُ الْمُسْتَهْلَكِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِدَفْعِ مَالٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّهِ حَيْثُ تَوَقَّفَ الْخَلَاصُ عَلَى دَفْعِ الْمَالِ، وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِي الدَّفْعِ وَهُوَ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِ خَلِيلٍ الْآتِي. وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدِي مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَنْ دَفَعَ غَرَامَةً عَنْ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لِلدَّافِعِ الرُّجُوعُ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ إنْ حَمَى بِتِلْكَ الْغَرَامَةِ مَالَ الْمَدْفُوعِ عَنْهُ أَوْ نَفْسَهُ - كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الْحَاشِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَيَغْرَمُ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ] : أَيْ إذَا تَرَكَ تَخْلِيصَ النَّفْسِ حَتَّى قُتِلَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ التَّرْكُ عَمْدًا بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا. وَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَوْ تَرَكَ التَّخْلِيصَ عَمْدًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَحَكَى عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ فِي الْعَمْدِ وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ: أَنَّهُ خَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ تَعَمَّدَ شَهَادَةَ الزُّورِ حَتَّى قَتَلَ بِهَا الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَقَدْ قِيلَ: يُقْتَلُ الشَّاهِدُ. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ. تَنْبِيهٌ:
يَضْمَنُ أَيْضًا مَنْ أَمْسَكَ وَثِيقَةً أَوْ قَطَعَهَا حَيْثُ كَانَ شَاهِدُهَا لَا يَشْهَدُ إلَّا بِهَا وَلَزِمَ عَلَى إمْسَاكِهَا ضَيَاعُ الْحَقِّ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا سِجِلٌّ يَتَيَسَّرُ إخْرَاجُ نَظِيرِهَا مِنْهُ. وَإِلَّا فَيَضْمَنُ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ السِّجِلِّ فَقَطْ. وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ شَاهِدَيْ حَقٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَضَاعَ الْحَقُّ فَفِي ضَمَانِهِ لِذَلِكَ الْحَقِّ تَرَدُّدٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِقَتْلِهِمَا ضَيَاعَ الْحَقِّ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَطْعًا، قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَالْأَظْهَرُ مِنْ التَّرَدُّدِ ضَمَانُ الْمَالِ، وَمِثْلُ قَتْلِهِمَا قَتْلُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ.
قَوْلُهُ: [وَانْظُرْ تَفْصِيلَ الْمَسْأَلَةِ] إلَخْ: مِنْ تَفَاصِيلِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مَا قَدَّمْنَاهُ لَك فِي أَثْنَاءِ الْحَلِّ وَمِنْهَا تَرْكُ مُوَاسَاةٍ بِخَيْطٍ أَوْ دَوَاءٍ لِجُرْحٍ، وَتَرْكُ زَائِدِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute