(وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهِ) : أَيْ الطَّلَاقِ حَيْثُ ادَّعَى عَدَمَ قَصْدِهِ (فِي) قَوْلِهِ: (أَنْتِ سَائِبَةٌ، أَوْ: لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَك حَلَالٌ وَلَا حَرَامٌ؛ فَإِنْ نَكَلَ) لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَ (نُوِّيَ فِي عَدَدِهِ) ، وَقُبِلَ قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ بِيَمِينِهِ، وَاسْتُشْكِلَ تَنْوِيَتُهُ فِي الْعَدَدِ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ، وَهُوَ إذَا أَنْكَرَ قَصْدَ الطَّلَاقِ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هَذَا الْفَرْعُ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، وَلَيْسَ هُوَ لِمَالِكٍ بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِأَصْلِ مَذْهَبِهِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ، فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرْكُ فِي ذِكْرِهِ (اهـ) . أَيْ فَالْجَارِي عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا كَغَيْرِهَا إلَّا إذَا نَوَى أَقَلَّ.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ أَقْسَامٌ.
الْأَوَّلُ: مَا يَلْزَمُ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ إلَّا لِنِيَّةِ أَكْثَرَ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَهُوَ: اعْتَدَى، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، فَإِنْ قَالَ لَهَا: اعْتَدَى، فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فِي حَقِّهَا.
الثَّانِي: مَا يَلْزَمُ فِيهِ الثَّلَاثُ مُطْلَقًا وَهُوَ: بَتَّةٌ، وَ: حَبْلُك عَلَى غَارِبِك.
ــ
[حاشية الصاوي]
[أَقْسَام الْكِنَايَة الظَّاهِرَة]
قَوْلُهُ: [فَهُوَ مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ فِي حَقِّهَا] : أَيْ فَلَا يَلْزَمُ فِيهَا شَيْءٌ إلَّا بِالنِّيَّةِ كَاسْقِنِي الْمَاءَ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ بَتَّةٌ] إلَخْ: لُزُومُ الثَّلَاثِ فِي بَتَّةٍ، وَحَبْلِك عَلَى غَارِبِك، لِكَوْنِهِ مِنْ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ عَلَى حَسَبِ الْعُرْفِ الْقَدِيمِ، وَأَمَّا عُرْفُنَا الْآنَ فَهُمَا مِنْ الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ، لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَيْمَانِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْأَلْفَاظِ يُنْظَرُ فِيهَا عَلَى حَسَبِ الْعُرْفِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ: فَائِدَةٌ قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ مَا مَعْنَاهُ: إنَّ نَحْوَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مِنْ بَرِّيَّةٍ وَخَلِيَّةٍ وَحَبْلِك عَلَى غَارِبِك وَرَدَدْتُك، إنَّمَا كَانَ لِعُرْفٍ سَابِقٍ، وَأَمَّا الْآنَ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِهَا إلَّا لِمَنْ عَرَفَ مَعْنَاهَا وَإِلَّا كَانَتْ مِنْ الْكِنَايَاتِ الْخَفِيَّةِ، فَلَا نَجِدُ أَحَدًا الْيَوْمَ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ بِخَلِيَّةٍ وَلَا بَرِّيَّةٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِالطَّلَاقِ حَتَّى يَعْلَمَ الْعُرْفَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ (اهـ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute