للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْتِ طَالِقٌ) نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ هَذَا مِنْ الْعَوَامّ بِلَفْظِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَأُطَلِّقَنَّك، (أَوْ) قَالَ: (إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ، أَوْ) أَنْتِ طَالِقٌ (الْآنَ، نُجِّزَ عَلَيْهِ) الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ (كَ: أَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ إنْ كَلَّمْته فِي غَدٍ، وَكَلَّمَهُ فِيهِ) : أَيْ فِي الْغَدِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَالَ كَلَامِهِ لَهُ فِي الْغَدِ، وَيُعَدُّ لَفْظُ " الْآنَ " لَغْوًا، فَكَذَلِكَ يُلْغَى لَفْظُ الْآنَ قَبْلَهُ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ. وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّنْجِيزِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ الْآنَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ: أَنْظِرُونِي حَتَّى يَأْتِيَ رَأْسُ الشَّهْرِ لِيَحْصُلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، فَإِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ قَالَ: لَا أُطَلِّقُك، فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ لِانْعِدَامِ الْمَحْلُوفِ بِهِ بِمُضِيِّهِ، لِأَنَّا نَقُولُ لَا عِبْرَةَ بِالتَّقْيِيدِ بِالزَّمَنِ بِقَوْلِهِ: " الْآنَ " كَمَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ، إنْ كَلَّمْته فِي غَدٍ خِلَافًا، لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

(وَإِنْ أَقَرَّ) مُكَلَّفٌ (بِفِعْلٍ) كَسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَلَفٍ (ثُمَّ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ: مَا فَعَلْته) - وَقَدْ أَخْبَرْت بِخِلَافِ الْوَاقِعِ - (دُيِّنَ) : أَيْ وُكِلَ إلَى دِينِهِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ فِي الْقَضَاءِ،

ــ

[حاشية الصاوي]

[الْإِقْرَار وَالْإِنْكَار مَعَ الْيَمِين فِي الطَّلَاق]

قَوْلُهُ: [نُجِّزَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ] : أَيْ لِأَنَّ أَحَدَ الْبَيْنُونَتَيْنِ وَاقِعَةٌ رَأْسَ الشَّهْرِ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، إمَّا بِإِيقَاعِهِ ذَلِكَ عَلَيْهَا أَوْ بِمُقْتَضَى التَّعْلِيقِ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُؤَخَّرَ لِرَأْسِ الشَّهْرِ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْمُتْعَةِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ وَهَذَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى أَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمُرُهَا هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ رَأْسَ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ، وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا التَّعْلِيلِ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك فِي رَأْسِ الشَّهْرِ أَلْبَتَّةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْآنَ، أَيْ يُحْكَمُ بِوُقُوعِ مَا عَلَّقَهُ نَاجِزًا إنْ بَائِنًا فَبَائِنًا وَإِنْ رَجْعِيًّا فَرَجْعِيًّا، وَلَوْ مَضَى زَمَنُهُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الشَّارِحِ.

قَوْلُهُ: [دُيِّنَ] إلَخْ: وَمِنْ قَبِيلِ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا أَخَذَ مَعْلُومَهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِينِ، فَأَظْهَرَ النَّاظِرُ أَوْ الْمَدِينُ وَرَقَةً بِخَطِّ الْحَالِفِ أَنَّهُ قَبَضَ حَقَّهُ مِنْ النَّاظِرِ أَوْ دَيْنَهُ مِنْ الْمَدِين فَادَّعَى الْحَالِفُ أَنَّهُ كَتَبَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>