وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْفَتْوَى. فَإِنْ نَكَلَ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ.
(وَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ إنْ كَانَ) إقْرَارُهُ (بِحَقٍّ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ كَالدَّيْنِ) فَيَغْرَمُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ (وَالسَّرِقَةِ) حَقٍّ لَهُمَا فَيُقْطَعُ لِحَقِّ اللَّهِ، وَيَغْرَمُ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ (وَالزِّنَا) فَيُحَدُّ لِحَقِّ اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: " بِفِعْلٍ " أَيْ: أَمْرٍ فَيَشْمَلُ الْقَوْلَ وَالدَّيْنَ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) بِفِعْلِهِ (بَعْدَ الْحَلِفِ) بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ (فَيُنَجَّزُ) الطَّلَاقُ عَلَيْهِ فِي الْقَضَاءِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْفَتْوَى. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَعَلِمَ هُوَ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ حَلَّ لَهُ الْمُقَامُ عَلَيْهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ (انْتَهَى) ، وَقَوْلُهُ: " فَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ " إلَخْ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَرْفَعْ لِلْقَاضِي وَعَلِمَ هُوَ مِنْ نَفْسِهِ إلَخْ.
(وَأُمِرَ وُجُوبًا بِالْفِرَاقِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ بِمُفَارَقَتِهَا (بِلَا جَبْرٍ) عَلَيْهِ (فِي)
ــ
[حاشية الصاوي]
فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ خَطَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا بَعْدَهُ لِسَبْقِيَّةِ الْخَطِّ عَلَى الْحَلِفِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ إلَّا بَعْدَ الْحَلِفِ وَلَكِنْ لَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى النَّاظِرِ وَلَا عَلَى الْمَدِينِ بِمُقْتَضَى خَطِّهِ وَتَكْذِيبِهِ لِخَطِّهِ إنَّمَا يَنْفَعُهُ فِي عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ.
قَوْلُهُ: [فَيُقْطَعُ لِحَقِّ اللَّهِ] إلَخْ: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ حَيْثُ كَذَّبَ نَفْسَهُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ فِي الزِّنَا، وَإِنَّمَا يُؤَاخَذُ بِحَقِّ الْآدَمِيِّ فَقَطْ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْحُدُودِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا أَقَرَّ طَائِعًا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ عَنْهُ فَلَا يُحَدُّ، وَكَذَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالْمُحَارَبِ، وَلَوْ رَجَعَ بِلَا شُبْهَةٍ فِي إقْرَارِهِ أَيْ كَمَا لَوْ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ كَأَخَذْت مَالِي الْمَرْهُونَ أَوْ الْمُودَعَ خُفْيَةً فَسَمَّيْته سَرِقَةً، وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إنْ عَيَّنَ صَاحِبَهُ نَحْوُ أَخَذْت دَابَّةَ زَيْدٍ بِخِلَافِ سَرَقْت أَوْ سُرِقَتْ دَابَّةٌ أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ انْتَهَى.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يُقِرَّ] : مُسْتَثْنًى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ دُيِّنَ، أَيْ مَحَلُّ تَصْدِيقِهِ عِنْدَ الْمُفْتِي وَالْقَاضِي مَا لَمْ يُقِرَّ بَعْدَ الْحَلِفِ فَيُصَدَّقُ عِنْدَ الْمُفْتِي لَا عِنْدَ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ: [وَظَاهِرُ هَذَا] : أَيْ التَّقْيِيدِ بِالْقَضَاءِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ الشَّارِحُ، وَأَشَارَ لَهُ أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي بَعْدُ.
قَوْلُهُ: [بِلَا جَبْرٍ عَلَيْهِ] : أَيْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ كَانَ عَاصِيًا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَعِصْمَتُهُ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مُنْحَلَّةٍ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْفِرَاقَ الْمَأْمُورَ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute