(لَا) إنْ خَالَعَهَا فِي حَالِ كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً طَلَاقًا (رَجْعِيًّا) لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ فَلَا يَرُدُّ الْمَالَ، وَصَحَّ الْخُلْعُ وَلَزِمَهُ طَلْقَةٌ أُخْرَى بَائِنَةٌ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا، (كَأَنْ قَالَ) لَهَا: (إنْ خَالَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا) ثُمَّ خَالَعَهَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا وَرَدَّ لَهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا، لِأَنَّ الْخُلْعَ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا لِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَوَجْهُهُ: أَنَّ الْمُعَلِّقَ وَالْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ يَقَعَانِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُعَلِّقَ لَا يَقَعُ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْخُلْعُ. وَإِذَا حَصَلَ الْخُلْعُ كَانَتْ غَيْرَ زَوْجَةٍ فَلَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، فَلَا تَرُدُّ مِنْهُ الْمَالَ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَهُوَ دَقِيقٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْفَتْوَى بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. فَإِنْ لَمْ يَقُلْ: ثَلَاثًا، بَلْ قَالَ: إنْ خَالَعْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَطْلَقَ، لَزِمَهُ طَلْقَتَانِ وَلَمْ يُرَدَّ الْمَالُ، فَإِنْ قَيَّدَ بِاثْنَتَيْنِ لَمْ يُرَدَّ الْمَالُ وَلَزِمَهُ الثَّلَاثُ وَكُلُّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(وَكَفَتْ الْمُعَاطَاةُ) فِي الْخُلْعِ عَنْ النُّطْقِ بِالطَّلَاقِ، (إنْ جَرَى بِهَا) : أَيْ بِالْمُعَاطَاةِ (عُرْفٌ) كَأَنْ يَجْرِيَ عُرْفُهُمْ بِأَنَّهَا مَتَى دَفَعَتْ لَهُ أَسْوِرَتَهَا أَوْ عِقْدَهَا فَأَخَذَهُ وَانْصَرَفَتْ، كَانَ ذَلِكَ خُلْعًا. وَمِثْلُهُ قِيَامُ الْقَرِينَةِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ قَصَدَ الصُّلْحَ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ وَسَلَّمَ لَهَا مَتَاعَهَا فَهُوَ خُلْعٌ لَازِمٌ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ (اهـ.) .
(وَإِنْ عَلَّقَ) الْخُلْعَ (بِالْإِقْبَاضِ أَوْ الْأَدَاءِ) نَحْوُ: إنْ أَقَبَضْتنِي أَوْ أَدَّيْتنِي
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَهُوَ دَقِيقٌ] : أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي نَقْلِهِ مِنْ أَشْهَبَ إذَا خَالَعَهَا لَا يَرُدُّ عَلَى الزَّوْجَةِ شَيْئًا مِمَّا أَخَذَهُ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي النَّظَرِ، لِأَنَّهُ جَعَلَ الْخُلْعَ شَرْطًا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، وَالْمَشْرُوطُ إنَّمَا يَكُونُ تَابِعًا لِلشَّرْطِ، وَحَيْثُ كَانَ تَابِعًا لَهُ فَيَبْطُلُ لِوُقُوعِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ فِي غَيْرِ زَوْجَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: [وَكُلُّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ] : أَيْ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَشْهَبُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلَاقُ الْخُلْعِ، وَيُقْضَى لَهُ بِالْمَالِ فِي سَائِرِ الْأَحْوَالِ.
[الْمُعَاطَاة فِي الخلع]
قَوْلُهُ: [إنْ قَصَدَ الصُّلْحَ] : أَيْ قَطْعَ النِّزَاعِ بِالْمُفَارَقَةِ، وَقَوْلُهُ، فَهُوَ خُلْعٌ، أَيْ حَيْثُ دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute