إذَا أَرَادَ النَّوْمَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءًا كَامِلًا كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ. كَمَا يُنْدَبُ لِغَيْرِهِ. لَكِنَّ وُضُوءَ الْجُنُبِ لَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْجِمَاعُ، بِخِلَافِ وُضُوءِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْقُضُهُ كُلُّ نَاقِضٍ مِمَّا تَقَدَّمَ. وَلَك أَنْ تَقُولَ مُلْغِزًا: مَا وُضُوءٌ لَا يَنْقُضُهُ بَوْلٌ وَلَا غَائِطٌ؟ فَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ مَاءً عِنْدَ إرَادَةِ النَّوْمِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ التَّيَمُّمُ.
(وَتَمْنَعُ مَوَانِعَ الْأَصْغَرِ وَقِرَاءَةً إلَّا الْيَسِيرَ لِتَعَوُّذٍ أَوْ رُقْيَا أَوْ اسْتِدْلَالٍ، وَدُخُولُ مَسْجِدٍ وَلَوْ مُجْتَازًا) : أَيْ أَنَّ الْجَنَابَةَ مِنْ جِمَاعٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ تَمْنَعُ مَوَانِعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ، مِنْ صَلَاةٍ وَطَوَافٍ وَمَسِّ مُصْحَفٍ أَوْ جُزْئِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَتَمْنَعُ أَيْضًا قِرَاءَةَ
ــ
[حاشية الصاوي]
بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الطَّهَارَةُ، وَأَمَّا وُضُوءُ الْجُنُبِ لِلْأَكْلِ فَلَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَيْهِ عَمَلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَإِنْ قَالَ بِهِ بَعْضٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى مَجْمُوعِهِ) .
قَوْلُهُ: [كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ] : أَيْ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمَنِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَا يُنْتَقَضُ إلَّا بِجِمَاعٍ، أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِبْرَاءٍ. وَعَدَمُ نَقْضِهِ بِذَلِكَ لَا يُنَافِي وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّهُ مِنْ شُرُوطِ كُلِّ وُضُوءٍ شَرْعِيٍّ.
قَوْلُهُ: [مُلْغِزًا] : أَنْشَدَ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ نَقْلًا عَنْ التَّتَّائِيِّ:
وَإِنْ سَأَلْت وُضُوءًا لَيْسَ يُبْطِلُهُ ... إلَّا الْجِمَاعُ وُضُوءُ النَّوْمِ لِلْجُنُبِ
تَنْبِيهٌ:
يُنْدَبُ لِلْجُنُبِ أَيْضًا غَسْلُ فَرْجِهِ إذَا أَرَادَ الْعُودَ لِلْجِمَاعِ، كَانَتْ الَّتِي جَامَعَهَا أَوْ غَيْرُهَا لِمَا فِيهِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ، وَتَقْوِيَةِ الْعُضْوِ. وَقِيلَ إنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ أُخْرَى وَجَبَ الْغَسْلُ؛ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا بِنَجَاسَةِ غَيْرِهَا، وَيُنْدَبُ لِلْأُنْثَى الْغَسْلُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ فُجْلَةَ، وَرَدَّهُ (عب) بِأَنَّهُ يُرْخِي مَحَلَّهَا، قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ مَجْمُوعِهِ: وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ كَلَامُ ابْنِ فُجْلَةَ خُصُوصًا بِفَوْرِ الْجِمَاعِ وَتَنَشُّفِهِ.
[دُخُول الْكَافِر الْمَسْجِد]
قَوْلُهُ: [وَقِرَاءَةٌ] : أَيْ وَيُزَادُ فِي الْمَنْعِ الْقِرَاءَةُ وَلَوْ بِغَيْرِ مُصْحَفٍ وَلَوْ لِمُعَلِّمٍ وَمُتَعَلِّمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute