(وَحُكِمَ بَيْنَهُمْ) : أَيْ بَيْنَ الْكُفَّارِ (بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا) فَيَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢] فَمَنْسُوخُ الْحُكْمِ. وَمَفْهُومُ: " تَرَافَعُوا " فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ.
(وَلَا مَنْ جُهِلَ تَأَخُّرُ مَوْتِهِ) : أَيْ أَنَّ الْجَهْلَ بِتَأَخُّرِ الْمَوْتِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِرْثِ تَحَقُّقُ حَيَاةِ الْوَارِثِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُورِثِ، فَرَجَعَ إلَى أَنَّ مُوجِبَ عَدَمِ الْإِرْثِ هُوَ الشَّكُّ فِي الشَّرْطِ. فَإِذَا مَاتَ قَوْمٌ مِنْ الْأَقَارِبِ تَحْتَ هَدْمٍ أَوْ فِي حَرْقٍ فَنُقَدِّرُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ كَأَنَّهُ لَمْ يَخْلُفْ صَاحِبَهُ، وَإِنَّمَا خَلَفَ الْأَحْيَاءَ مِنْ وَرَثَتِهِ. فَلَوْ مَاتَ رَجُلٌ وَزَوْجَتُهُ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ مِنْهَا تَحْتَ هَدْمٍ مَثَلًا وَجُهِلَ مَوْتُ السَّابِقِ مِنْهُمْ، وَتَرَكَ الْأَبُ زَوْجَةً أُخْرَى، وَتَرَكَتْ الزَّوْجَةُ ابْنًا لَهَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا الْمَيِّتِ؛ فَلِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ، وَمَا بَقِيَ لِلْعَاصِبِ، وَمَالُ الزَّوْجَةِ لِابْنِهَا الْحَيِّ، وَسُدُسُ مَالِ الْبَنِينَ لِأَخِيهِمْ لِأُمِّهِمْ، وَبَاقِيهِ لِلْعَاصِبِ. وَشَمِلَ الْجَهْلُ مَا إذَا مَاتَا مَرَّتَيْنِ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا مَاتَ أَخَوَانِ - مَثَلًا - أَحَدُهُمَا عِنْدَ
ــ
[حاشية الصاوي]
ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ أَنَّ الْإِسْلَامَ مِلَّةٌ وَالنَّصَارَى مِلَّةٌ وَالْيَهُودُ مِلَّةٌ وَالْمَجُوسُ وَمَنْ عَدَاهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُمْ مِلَّةٌ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ الصَّوَابُ، نَقَلَهُ ابْنُ عَلَّاقٍ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ غَيْرَ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ مِلَلٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأُمَّهَاتِ لِقَوْلِهَا: وَلَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ الْمِلَلِ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ (اهـ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِظَاهِرِ الْأُمَّهَاتِ.
قَوْلُهُ: [إنْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا] : أَيْ جَمِيعُهُمْ رَاضِينَ بِحُكْمِنَا.
قَوْلُهُ: [فَنَسُوخُ الْحُكْمِ] : أَيْ مِنْ حَيْثُ التَّخْيِيرِ. قَوْلُهُ: [وَمَفْهُومُ تَرَافَعُوا فِيهِ تَفْصِيلٌ] : أَيْ وَهُوَ أَنَّهُ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُورِثِهِ وَإِلَّا فَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْآبِي لِشَرَفِ الْمُسْلِمِ، هَذَا إنْ لَمْ يَكُونُوا كِتَابِيِّينَ فَإِنْ كَانُوا كِتَابِيِّينَ وَأَسْلَمَ بَعْضُهُمْ بَعْدَ مَوْتِ مُورِثِهِ فَنَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ مَوَارِيثِهِمْ بِأَنْ نَسْأَلَ الْقِسِّيسِينَ عَمَّنْ يَرِثُ وَعَمَّنْ لَا يَرِثُ، وَعَنْ الْقَدْرِ الَّذِي يُورَثُ عِنْدَهُمْ وَيُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَرْضَوْا جَمِيعًا بِحُكْمِنَا وَإِلَّا حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِشَرْعِنَا.
[الْجَهْلَ بِتَأَخُّرِ الْمَوْتِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ]
قَوْلُهُ: [فَرَجَعَ إلَى أَنَّ مُوجِبَ عَدَمِ الْإِرْثِ] إلَخْ: أَيْ فَعَدُّهُ مِنْ الْمَوَانِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute