للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَإِنْ أَرْضَاهُ) أَيْ الْوَلِيَّ (وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ (الثَّانِي) : كَمَا لَوْ أَرْضَى وَلِيُّ زَيْدٍ وَهُوَ الْمَقْتُولُ الثَّانِي فِي الْمِثَالِ وَلِيَّ عَمْرٍو الْمَقْتُولِ أَوَّلًا (فَلَهُ) : أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي - الَّذِي هُوَ الْأَجْنَبِيُّ - لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي، الَّذِي هُوَ زَيْدٌ، إنْ شَاءَ عَفَا وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ.

ثُمَّ بَيَّنَ شَرْطَ الْجِنَايَةِ الَّتِي بِهَا الْقَوَدُ بِقَوْلِهِ: (إنْ تَعَمَّدَ) الْجَانِي (ضَرْبًا لَمْ يَجُزْ) بِمُحَدَّدٍ بَلْ (وَإِنْ بِقَضِيبٍ) : أَيْ عَصًا أَوْ سَوْطٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُقْتَلُ بِهِ غَالِبًا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ أَوْ قَصَدَ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، وَقَوْلُهُ: " لَمْ يَجُزْ " اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ التَّأْدِيبِ الْجَائِزِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ مُعَلِّمٍ أَوْ وَالِدٍ فَلَا قَوَدَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ

ــ

[حاشية الصاوي]

وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْأُولَى خَطَأً وَالثَّانِيَةُ خَطَأً لَكَانَ الْأَوَّلُ يَتْبَعُ عَاقِلَةَ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي يَتْبَعُ عَاقِلَةَ الثَّانِي، فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ مَوْضُوعُهُ فِي كَوْنِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى عَمْدًا وَالثَّانِيَةِ إمَّا عَمْدًا وَإِمَّا خَطَأً.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ سِتَّ عَشْرَةَ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى إمَّا عَلَى النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا عَمْدًا وَإِمَّا خَطَأً، وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا وَأَرْبَعَةٌ فِي مِثْلِهَا بِسِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً مَوْضُوعُ الْمُصَنَّفِ، وَالشَّرْحِ هُنَا فِي أَرْبَعَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلَ عَمْدًا فِي النَّفْسِ وَالثَّانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي النَّفْسِ أَوْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ عَمْدًا فِي الطَّرَفِ، وَالثَّانِي عَمْدًا أَوْ خَطَأً فِي الطَّرَفِ، وَانْظُرْ بَاقِي تَفْصِيلِ الْمَسْأَلَةِ فِي فُرُوعِ الْمَذْهَبِ.

قَوْلُهُ: [أَيْ الْوَلِيَّ] : بِالنَّصْبِ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ الْبَارِزِ وَهُوَ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ.

وَقَوْلُهُ: [وَلِيُّ الْمَقْتُولِ] : فَاعِلٌ مُؤَخَّرٌ

[شَرْطَ الْجِنَايَةِ الَّتِي بِهَا الْقَوَدُ]

قَوْلُهُ: [ثُمَّ بَيَّنَ شَرْطَ الْجِنَايَةِ] إلَخْ: شُرُوعٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ، فَتَارَةً يَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَهُوَ مَا هُنَا، وَتَارَةً يَكُونُ بِالسَّبَبِ وَسَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: [أَوْ قَصَدَ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو] : أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ كُلًّا يَمْتَنِعُ قَتْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَاصِدًا زَيْدًا الْحَرْبِيَّ مَثَلًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو الْمُسْلِمُ فَخَطَأٌ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَلَى أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَقْصِدَ ضَرْبًا، كَرَمْيِهِ شَيْئًا أَوْ حَرْبِيًّا فَيُصِيبَ مُسْلِمًا فَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ. الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَهُوَ خَطَأٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>