(وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ) عَلَى الرَّاهِنِ (بِنَفَقَتِهِ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الرَّهْنِ (فِي الذِّمَّةِ) : أَيْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) فِي الْإِنْفَاقِ.
(وَلَيْسَ) الرَّهْنُ (رَهْنًا فِيهَا) : أَيْ فِي النَّفَقَةِ (بِخِلَافِ الضَّالَّةِ) يُنْفِقُ عَلَيْهَا مَنْ وَجَدَهَا، فَإِنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِي ذَاتِ الضَّالَّةِ وَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا، (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الرَّاهِنُ (بِأَنَّهُ) : أَيْ الرَّهْنَ (رَهْنٌ بِهَا) : أَيْ بِالنَّفَقَةِ أَيْ فِيهَا بِأَنْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ: أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَوْ بِمَا أَنْفَقْت (أَوْ يَقُولَ) : أَنْفِقْ عَلَيْهِ (عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِيهِ) : أَيْ فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا وَيُقَدَّمُ فِيهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهِ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ
ــ
[حاشية الصاوي]
[رُجُوع المرتهن بِالنَّفَقَةِ]
قَوْلُهُ: [وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ عَلَى الرَّاهِنِ بِنَفَقَتِهِ] : أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَالِكِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَمْلُوكُ رَهَنَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى شَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالنَّفَقَةِ وَلَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ، قَالَ ر وَهَذَا الْحَمْلُ صَوَابٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْعَقَارَ كَانَ لِشَجَرٍ لَا كَالْحَيَوَانِ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ، وَقِيلَ: إنَّ الْعَقَارَ كَالْحَيَوَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِافْتِقَارِهِ لِلْإِصْلَاحِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ فَيَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْأَشْجَارِ.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الْإِنْفَاقِ] : رَدَّ " لَوْ " قَوْلُ أَشْهَبَ: إنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا تَكُونُ فِي الرَّهْنِ مَبْدَأٌ بِهَا فِي ثَمَنِهِ.
قَوْلُهُ: [وَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْغُرَمَاءِ] إلَخْ: فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الضَّالَّةِ فَلَا تَرْجِعُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى رَبِّهَا وَضَاعَتْ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّالَّةِ وَالرَّهْنِ أَنَّ الضَّالَّةَ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا، بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ صَاحِبَهُ مَعْرُوفٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَلَوْ شَاءَ طَلَبَهُ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ رَفَعَ لِلْحَاكِمِ.
قَوْلُهُ: [إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ] : الْحَاصِلُ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَى الرَّهْنِ ثَلَاثٌ: الْأُولَى: أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَى الرَّهْنِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ النَّفَقَةُ فِي الذِّمَّةِ قَطْعًا. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فَالرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ اتِّفَاقًا. الثَّالِثَةُ: أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَأْوِيلَانِ، وَمِثْلُهَا عِنْدَ خَلِيلٍ. أَمَّا إذَا قَالَ: أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَقِيلَ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا لِأَنَّهُ مِنْ الصَّرِيحِ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا وَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَ الرَّهْنُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute