فَصْلٌ فِي بَيَانِ النَّذْرِ وَأَحْكَامِهِ
(النَّذْرُ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ (مُكَلَّفٍ) لَا صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ (قُرْبَةً) مَقْصُودًا بِهَا التَّقَرُّبُ بِلَا تَعْلِيقٍ نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ أَوْ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ، بَلْ
ــ
[حاشية الصاوي]
[فَصَلِّ فِي بَيَان النَّذْر وَأَحْكَامه] [تَعْرِيف النَّذْر]
فَصْلٌ:
النَّذْرُ يُجْمَعُ عَلَى نُذُورٍ وَعَلَى نُذُرٍ بِضَمَّتَيْنِ يُقَالُ: نَذَرْت أُنْذِرُ بِفَتْحِ الذَّالِ فِي الْمَاضِي وَكَسْرِهَا وَضَمِّهَا فِي الْمُضَارِعِ، وَمَعْنَاهُ لُغَةً: الِالْتِزَامُ، وَاصْطِلَاحًا: هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِ الْتِزَامُ مُسْلِمٍ إلَخْ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: الشَّخْصُ الْمُلْتَزِمُ وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: الْتِزَامُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، وَالشَّيْءُ الْمُلْتَزَمُ وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: قُرْبَةً، وَالصِّيغَةُ وَأَفَادَهَا بِقَوْلِهِ: كَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: [لَا كَافِرٍ] : أَيْ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ بِهِ لَكِنْ يُنْدَبُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ.
قَوْلُهُ: [لَا صَغِيرٍ] : وَلَكِنْ: يُنْدَبُ الْوَفَاءُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَشَمَلَ الْمُكَلَّفُ الرَّقِيقَ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ مِمَّا أَنْذَرَهُ مَالًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ عَتَقَ.
وَحَاصِلُ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي الرَّقِيقِ: أَنَّهُ إذَا نَذَرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِجَسَدِهِ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالسَّيِّدِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ تَعْجِيلِهِ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ نَذَرَ مَالًا كَانَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ الْوَفَاءَ بِهِ مَا دَامَ رَقِيقًا، فَإِنْ عَتَقَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَ، فَإِنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ وَأَبْطَلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ مِنْهَا (اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ) . وَشَمَلَ الْمُكَلَّفُ أَيْضًا السَّفِيهَ فَيَلْزَمُهُ غَيْرُ الْمَالِ، وَأَمَّا الْمَالُ فَلِلْوَلِيِّ إبْطَالُهُ لِأَنَّ رَدَّ فِعْلِ السَّفِيهِ إبْطَالٌ كَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ. وَشَمَلَ أَيْضًا الزَّوْجَةَ وَالْمَرِيضَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْوَفَاءُ بِمَا نَذَرَاهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَالٍ أَوْ مَالًا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَ كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَلِلْوَارِثِ رَدُّ مَا زَادَ. وَاخْتُلِفَ فِي رَدِّ الزَّوْجِ فَقِيلَ: رَدُّ إبْطَالٍ، وَقِيلَ رَدُّ إيقَافٍ، وَأَمَّا رَدُّ الْوَارِثِ فَهُوَ رَدُّ إيقَافٍ كَالْغَرِيمِ، وَرَدُّ الْقَاضِي بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَابَ عَنْهُ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْمَعْنَى فِي بَيْتَيْنِ فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute