(وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ) عَلَى مَعْصِيَةٍ (أَوْ غَضْبَانَ) فَأَوْلَى عَلَى غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَغَيْرِ غَضْبَانَ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْيَمِينِ ذَاتِ التَّعْلِيقِ: أَنَّ النَّذْرَ يُقْصَدُ بِهِ التَّقَرُّبُ وَالْيَمِينَ يُقْصَدُ بِهِ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ أَوْ الْحَثِّ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، بِخِلَافِ النَّذْرِ. وَلِذَا يَصِحُّ فِي الْيَمِينِ إنْ تَقَدَّمَ قَسَمًا بِاَللَّهِ؛ فَتَقُولُ فِي الْبِرِّ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ وَإِنْ دَخَلْتُهَا يَلْزَمُنِي كَذَا، وَالْمَقْصُودُ الِامْتِنَاعُ مِنْ دُخُولِهَا، وَتَقُولُ فِي الْحِنْثِ: وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ وَإِنْ لَمْ أَدْخُلْ يَلْزَمُنِي كَذَا، وَالْمَقْصُودُ طَلَبُ الدُّخُولِ، وَتَقُولُ فِي بَيَانِ تَحَقُّقِ الشَّيْءِ: وَاَللَّهِ لَقَدْ قَامَ زَيْدٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَامَ يَلْزَمُنِي كَذَا، بِخِلَافِ قَوْلِك: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ كَذَا، فَإِنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِتَقْدِيمِ يَمِينٍ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ أَوْ تَوْكِيدِ الْكَلَامِ فَتَأَمَّلْ.
وَمَثَّلَ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ مَا لَا تَعْلِيقَ فِيهِ بِقَوْلِهِ: (كَ: لِلَّهِ عَلَيَّ) ضَحِيَّةٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
أُبْطِلَ صَنِيعُ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ ... بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ
وَأُوقِفْنَ فِعْلُ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفَ ... فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفَ
وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْكِتَابِ مُفَصَّلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: [بَلْ وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ عَلَى مَعْصِيَةٍ] : أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ قُرْبَةٌ كَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ قُرْبَةً أَمْ لَا.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَضْبَانَ] : وَمِنْهُ نَذْرُ اللَّجَاجِ؛ وَهُوَ أَنْ يَقْصِدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ شَيْءٍ وَمُعَاقَبَتَهَا نَحْوُ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَهَذَا مِنْ أَقْسَامِ الْيَمِينِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ يَلْزَمُهُ مَا لَزِمَهُ، فَالْحَلِفُ لَفْظِيٌّ خِلَافًا لِلَّيْثِ وَجَمَاعَةِ الْقَائِلِينَ إنَّ فِيهِ وَفِي اللَّجَاجِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَدَهُ عَبْدَ الصَّمَدِ بِهَذَا الْقَوْلِ وَكَانَ حَلَفَ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ، فَحَنِثَ وَقَالَ لَهُ: إنِّي أَفْتَيْتُك بِقَوْلِ اللَّيْثِ، فَإِنْ عُدْت لَمْ أُفْتِك إلَّا بِقَوْلِ مَالِكٍ.
قَوْلُهُ: [وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ] إلَخْ: هَذَا الْفَرْقُ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ يُؤَيِّدُ أَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ مِنْ الْيَمِينِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ عَدَّهُ مِنْ أَقْسَامِ الْيَمِينِ فَمُبَالَغَتُهُ عَلَيْهِ هُنَا، وَإِدْخَالُهُ فِي النَّذْرِ تَكَلُّفٌ وَتَنَاقُضٌ لِاخْتِيَارِهِ أَوَّلًا طَرِيقَةَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُنَا طَرِيقَةَ غَيْرِهِ، فَتَدَبَّرْ، وَسَيَأْتِي لَهُ الِاسْتِدْرَاكُ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [كَ: لِلَّهِ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ] : أَتَى بِكَافِ التَّمْثِيلِ إشَارَةً إلَى عَدَمِ انْحِصَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute