زَمَانِنَا وَانْحَطَّ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ. نَعَمْ الْخُلُوُّ الَّذِي وَقَعَتْ الْفَتْوَى بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ وَإِرْثِهِ، إنَّمَا هُوَ فِي وَقْفٍ خَرِبٍ لَمْ يَجِدْ النَّاظِرُ أَوْ الْمُسْتَحِقُّ مَا يَعْمُرُهُ بِهِ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَلَا أَمْكَنَهُ إجَارَتُهُ بِمَا يَعْمُرُهُ بِهِ، فَيَأْذَنُ لِمَنْ يَعْمُرُهُ بِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ عَلَى أَنَّ مَا عَمَرَهُ بِهِ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُعَمِّرِ وَتُفَضُّ الْغَلَّةُ بِالنَّظَرِ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوَقْفِ؛ فَمَا نَابَ الْوَقْفَ يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ وَمَا نَابَ الْعِمَارَةَ يَكُونُ لِرَبِّهَا، فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ إبْطَالُ الْوَقْفِ وَلَا إخْرَاجُهُ عَنْ غَرَضِ الْوَاقِفِ، وَلَيْسَ هَذَا مُرَادَ الشَّيْخِ الْخَرَشِيِّ بِمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يُعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ فَافْهَمْ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَقْفِ مَا ذُكِرَ:
(فَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ) :
الْأَوَّلُ: (وَاقِفٌ وَهُوَ الْمَالِكُ لِلذَّاتِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ) الَّتِي أَوْقَفَهَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكْرِيَ أَرْضَهُ عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا عَشْرَ سِنِينَ فَإِذَا انْقَضَتْ كَانَ النُّقْضُ لِلَّذِي بَنَاهُ. وَشَرْطُ صِحَّةِ وَقْفِهِ: أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (إنْ كَانَ) الْوَاقِفُ (أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ) : وَهُوَ الْبَالِغُ الْحُرُّ الرَّشِيدُ الْمُخْتَارُ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا سَفِيهٍ وَلَا مُكْرَهٍ.
(وَ) الثَّانِي: (مَوْقُوفٌ: وَهُوَ مَا مُلِكَ) مِنْ ذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَهِبَتِهِ] : إلَخْ: أَيْ وَقْفَهُ.
قَوْلُهُ: [وَإِذَا عَلِمْت] : أَيْ مِنْ التَّعْرِيفِ.
[أَرْكَانُ الْوَقْفُ]
قَوْلُهُ: [أَوْ الْمَنْفَعَةِ] : أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مِلْكُ الذَّاتِ.
قَوْلُهُ: [عَلَى أَنْ تُتَّخَذَ مَسْجِدًا] : أَيْ فَالْمُكْتَرِي يُوقِفُهَا مَسْجِدًا وَقَصَدَ بِهِ الِاسْتِشْهَادَ عَلَى وَقْفِ الْمَنْفَعَةِ.
قَوْلُهُ: [كَانَ النُّقْضُ لِلَّذِي بَنَاهُ] : ظَاهِرٌ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ لِكَوْنِ الْوَقْفِ انْتَهَى أَجَلُهُ فَلَا يُعْطَى حُكْمَ أَنْقَاضِ الْمَسَاجِدِ الْمُؤَبَّدَةِ.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ الْبَالِغُ] : أَيْ الْمُكَلَّفُ لِأَنَّهُ سَيُخْرِجُ بِهِ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَبَاقِيَ الْمُحْتَرَزَاتِ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute