(وَلَوْ حَيَوَانًا) رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ يُوقَفُ عَلَى مُسْتَحِقٍّ لِلِانْتِفَاعِ بِخِدْمَتِهِ أَوْ رُكُوبِهِ أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهِ (أَوْ طَعَامًا وَعَيْنًا) يُوقَفُ كُلٌّ مِنْهُمَا (لِلسَّلَفِ) وَيُنَزَّلُ رَدُّ بَدَلِهِ مَنْزِلَةَ بَقَاءِ عَيْنِهِ. وَجَوَازُ وَقْفِ الطَّعَامِ وَالْعَيْنِ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا تَرَدُّدَ فِيهِ. نَعَمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، فَلِذَا اُعْتُرِضَ عَلَى الشَّيْخِ فِي ذِكْرِ التَّرَدُّدِ. وَأَضْعَفُ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ: لَا يَجُوزُ؛ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَنْعِ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَكَانَ عَلَى الشَّيْخِ أَنْ لَا يَلْتَفِتَ لِقَوْلِهِمَا.
(وَ) الثَّالِثُ: (مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ: وَهُوَ الْأَهْلُ) : أَيْ الْمُسْتَحِقُّ لِصَرْفِ الْمَنَافِعِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا عَاقِلًا كَزَيْدٍ أَوْ الْعُلَمَاءِ أَوْ الْفُقَرَاءِ أَوْ غَيْرَهُ (كَرِبَاطٍ وَقَنْطَرَةٍ) وَمَسْجِدٍ، فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ صَرْفَ غَلَّةِ الْوَقْفِ أَوْ مَنَافِعِهِ عَلَيْهَا لِإِصْلَاحِهَا وَإِقَامَةِ مَنَافِعِهَا (وَنَحْوِ مَنْ سَيُولَدُ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِزَيْدٍ مَثَلًا فَيَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ. وَهُوَ لَازِمٌ لِعَقْدِهِ عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ، فَتُوقَفُ الْغَلَّةُ إلَى أَنْ يُوجَدَ، فَيُعْطَاهَا. فَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ مَوْتٍ أَوْ يَأْسٍ مِنْهُ رَجَعَتْ لِلْوَاقِفِ أَوْ وَارِثِهِ، (وَلَوْ) كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَوْ حَيَوَانًا] : رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ مَنْعِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُعَقِّبِ أَوْ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ وَأَمَّا تَحْبِيسُ ذَلِكَ لِيُوضَعَ بِعَيْنِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِتُصْرَفَ غَلَّتُهُ فِي وَجْهِ قُرْبَةٍ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا كَذَا فِي (بْن) .
قَوْلُهُ: [رَقِيقًا] : أَيْ فَيَجُوزُ وَقْفُ عَبْدٍ عَلَى مَرْضَى مَثَلًا لِخِدْمَتِهِمْ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ السَّيِّدُ ضَرَرَهُ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ، وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْأَمَةُ عَلَى إنَاثٍ وَلَيْسَ لِلْوَاقِفِ حِينَئِذٍ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا صَارَتْ بِوَقْفِهَا لِلْغَيْرِ كَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمَرْهُونَةِ.
قَوْلُهُ: [يُوقَفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلسَّلَفِ] : أَيْ وَأَمَّا إنْ وَقَفَ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَوَقْفِهِ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا إذْ لَا مَنْفَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ] : إلَخْ: قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَضْعَفُ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: [أَوْ غَيْرَهُ] : مَعْطُوفٌ عَلَى حَيَوَانًا وَهُوَ دُخُولٌ عَلَى قَوْلِهِ كَرِبَاطٍ وَالْمُرَادُ بِالرِّبَاطِ الثَّغْرُ.
قَوْلُهُ: [وَنَحْوِ مَنْ سَيُولَدُ] : كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ أَيْ فَلَا فَرْقَ فِي الْأَهْلِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا فِي الْحَالِ كَالْحَيَوَانِ الْعَاقِلِ وَنَحْوِ الرِّبَاطِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ كَمَنْ سَيُولَدُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute