وَالْيَمَنِ، فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نُؤَمِّنَهُ عَلَى السُّكْنَى فِيهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يَبْقَيَنَّ دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» . (وَلَهُمْ الِاجْتِيَازُ) فِيهَا فِي سَفَرِهِمْ لِتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا، (وَإِقَامَةُ الْأَيَّامِ) كَالثَّلَاثَةِ (لِمَصَالِحِهِمْ) إنْ دَخَلُوهَا لِمَصْلَحَةٍ كَبَيْعِ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ
(عَلَى الْعَنْوِيِّ) ، مُتَعَلِّقٌ بِ (يَضْرِبُهُ) أَيْ يَجْعَلُ عَلَى الْعَنْوِيِّ: وَهُوَ مَنْ فُتِحَتْ بَلَدُهُ قَهْرًا (أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ) شَرْعِيَّةً إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ،
ــ
[حاشية الصاوي]
فَارِسٍ مِنْ نَاحِيَةِ الشَّرْقِ، وَبَحْرُ الْهِنْدِ مِنْ الْجَنُوبِ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هِيَ مَا بَيْنَ أَقْصَى عَدَنَ إلَى رِيفِ الْعِرَاقِ طُولًا، وَمِنْ جُدَّةَ وَمَا وَالَاهَا مِنْ سَاحِلِ الْبَحْرِ إلَى أَطْرَافِ الشَّامِ عَرْضًا.
قَوْلُهُ: [وَإِقَامَةُ الْأَيَّامِ كَالثَّلَاثَةِ] : أَيْ فَلَيْسَتْ الثَّلَاثَةُ قَيْدًا، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْإِقَامَةِ لِلْمَصَالِحِ، وَالْمَمْنُوعُ الْإِقَامَةُ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ لَهُمْ الْمُرُورَ وَلَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ.
[قَدْرَ الْجِزْيَةَ عَلَى مِنْ فتحت بِلَاده عِنْوَة]
قَوْلُهُ: [مُتَعَلِّقٌ بِيَضْرِبَهُ] : يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ مُتَّحِدَيْ اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى بِعَامِلٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى كَافِرٍ مُتَعَلِّقٌ بِيَضْرِبُهُ أَيْضًا، فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ خَبَرًا مُقَدَّمًا، وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ إلَخْ مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا، وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ: كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ: أَنْتَ ذَكَرْت الْمَالَ فَمَا مِقْدَارُهُ، فَقَالَ: عَلَى الْعَنْوِيِّ كَذَا إلَخْ، وَعَلَى الصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَهُ: وَالْعَنَوِيُّ مَنْسُوبٌ لِلْعَنْوَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ الْقَهْرُ. وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمَضْرُوبِ، قِيلَ: شَرْطٌ وَقِيلَ: رُكْنٌ، وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْجِزْيَةِ بِأَنَّهَا مَالٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَقَرَّهُمْ بِغَيْرِ مَالٍ أَخْطَأَ، وَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالرَّدِّ لِمَأْمَنِهِمْ فَعَقْدُ الذِّمَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْمَالِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ قِيلَ إنَّهُ رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ.
قَوْلُهُ: [أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ شَرْعِيَّةً] : أَيْ وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ دَنَانِيرِ مِصْرَ، لِأَنَّ الدِّينَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute