[فَصْلٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ وَأَرْكَانِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] [حُكْم الطَّلَاق]
َ وَافْتَتَحَهُ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطَّلَاقُ» ) . وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الطَّلَاقَ - وَإِنْ كَانَ حَلَالًا - إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ ارْتِكَابِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الْأُلْفَةِ إلَّا لِعَارِضٍ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ:
ــ
[حاشية الصاوي]
فَصْلٌ أَيْ أَحْكَامُ الْقُدُومِ عَلَيْهِ، فَتَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا، وَتَارَةً يَكُونُ حَرَامًا، وَتَارَةً يَكُونُ مَنْدُوبًا، وَتَارَةً يَكُونُ مَكْرُوهًا؛ فَكَمَا أَنَّ تِلْكَ الْأَحْكَامَ تُعْرَضُ عَلَى النِّكَاحِ تُعْرَضُ عَلَى الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ النَّدْبُ، وَفِي الطَّلَاقِ - خِلَافُ الْأَوْلَى - أَوْ الْكَرَاهَةُ وَسَيُفَصَّلُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَأَرْكَانِهِ] : أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ: " وَرُكْنُهُ أَهْلٌ وَقَصْدٌ وَمَحَلٌّ وَلَفْظٌ ".
قَوْلُهُ: [وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ] : أَيْ مِنْ شُرُوطٍ وَغَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: [وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الطَّلَاقَ] إلَخْ: اعْلَمْ أَنَّهُ اسْتَشْكَلَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَنَّ الْمُبَاحَ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ، وَلَيْسَ مِنْهُ مَبْغُوضٌ وَلَا أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً، وَالْحَدِيثُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى أَقْرَبُ الْحَلَالِ لِلْبُغْضِ الطَّلَاقُ، فَالْمُبَاحُ لَا يُبْغَضُ بِالْفِعْلِ، لَكِنْ قَدْ يُقَرِّبُ لَهُ إذَا خَالَفَ الْأَوْلَى، وَالطَّلَاقُ مِنْ أَشَدِّ أَفْرَادِ خِلَافِ الْأَوْلَى، وَهَذَا مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ حَلَالًا، إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُ ارْتِكَابِهِ. وَأُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْحَلَالِ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ، بَلْ لَيْسَ بِحَرَامٍ فَيَصْدُقُ بِالْمَكْرُوهِ، وَخِلَافِ الْأَوْلَى، فَخِلَافُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute