للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَقَدْ يُنْدَبُ) لِعَارِضٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ يُخَافُ مِنْهَا الْوُقُوعُ فِي الْحَرَامِ لَوْ اسْتَمَرَّتْ عِنْدَهُ، كَأَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا، أَوْ يَسُبَّهَا وَيَسُبَّ وَالِدَيْهَا، أَوْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الْحَيَاءِ تَتَبَرَّجُ إلَى الرِّجَالِ، وَأَكْثَرُهُنَّ يَسُبُّ أُمَّ الزَّوْجِ إذَا كَانَتْ عِنْدَ ابْنِهَا وَغَيْرَ ذَلِكَ.

(أَوْ) قَدْ (يَجِبُ) لِعَارِضٍ؛ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَقَاءَهَا يُوقِعُهُ فِي مُحَرَّمٍ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا. وَقَدْ يَحْرُمُ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالزِّنَا وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى زَوَاجِ غَيْرِهَا.

ــ

[حاشية الصاوي]

الْأَوْلَى مَبْغُوضٌ وَالْمَكْرُوهُ أَشَدُّ مَبْغُوضِيَّةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُغْضِ مَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، بَلْ الْمُرَادُ كَوْنُهُ لَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ اللَّوْمَ، وَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِالْأَبْغَضِيَّةِ قَصْدَ التَّنْفِيرِ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجَوَابَ الثَّانِيَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ الْأَصْلِيِّ الْكَرَاهَةُ، لَا عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى الَّذِي مَشْي عَلَيْهِ الشَّارِحُ، فَالْأَظْهَرُ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا حَمْلُهُ عَلَى سَبَبِ الطَّلَاقِ مِنْ سُوءِ الْعِشْرَةِ فَفِيهِ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْحَلَالِ، وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ بَعْضُ مَا يُضَافُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: [يَخَافُ مِنْهَا الْوُقُوعَ فِي الْحَرَامِ] : أَيْ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ الْوُقُوعَ فِي ذَلِكَ، أَوْ يَخَافُ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ تَمْثِيلِ الشَّارِحِ، فَإِنَّ ضَرْبَهُ فِيهَا الضَّرْبَ الْمُبَرِّحَ وَسَبَّهَا وَسَبَّ وَالِدَيْهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ، وَتَبَرُّجَهَا لِلرِّجَالِ وَسَبَّهَا أُمَّ الزَّوْجِ حَرَامٌ عَلَيْهَا، وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ الشَّكُّ الظَّنُّ لَا الْعِلْمُ، وَإِلَّا لَوَجَبَ الطَّلَاقُ كَمَا فِي الْقِسْمِ الَّذِي يَلِيهِ.

قَوْلُهُ: [مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا] : أَيْ كَمَا إذَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ، وَغَيْرُ النَّفَقَةِ كَالضَّرْبِ الْمُبَرِّحِ أَوْ السَّبِّ الْمُتَحَقَّقِ وُقُوعُهُ بِالْفِعْلِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ طَلَاقِهَا عِنْدَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ مَا لَمْ يَخْشَ بِفِرَاقِهَا الزِّنَا، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَيَقْتَصِدُ مَهْمَا أَمْكَنَ.

قَوْلُهُ: [كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا] إلَخْ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَزِمَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ كَمَا عَلِمْت، بَقِيَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ إذَا طَلَّقَهَا قُطِعَ عَنْ عِبَادَةٍ مَنْدُوبَةٍ كَكَوْنِهَا مُعِينَةً لَهُ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ الْمَنْدُوبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>